الحفظ أو جودة اللفظ وأن يريد به ما هو أعم منهما وأن يريد به كلاهما (مع السفرة الكرام البررة) قال النووي: السفرة جمع سافر ككاتب وكتبه والسافر الرسول والسفرة الرسل لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل السفرة الكتبة والبررة المطيعون من البر وهو الطاعة، والماهر الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه وإتقانه. قال القاضي: يحتمل أن معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى. قال ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم وسالك مسلكهم (والذي يقرأه وهو يشتد عليه فله أجران) فهو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه فله أجران أجر بالقراءة وأجر لتشدده وتردده في تلاوته.
قال القاضي وغيره من العلماء وليس معناه أن الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجرا لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته ودرايته كاعتنائه حتى مهر فيه. انتهى. والحاصل أن المضاعفة للماهر لا تحصى فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف وأكثر، والأجر شئ مقدر، وهذا له أجران من تلك المضاعفات والله أعلم.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله) أي المسجد وألحق به نحو مدرسة ورباط (يتلون كتاب الله ويتدارسونه) أي يشتركون في قراءة بعضهم على بعض ويتعهدونه خوف النسيان (إلا نزلت عليهم السكينة) فعيلة من السكون للمبالغة. والمراد هنا الوقار والرحمة أو الطمأنينة (وحفتهم الملائكة) أي أحاطت بهم ملائكة الرحمة (وذكرهم الله) أثنى عليهم أو أثابهم (فيمن عنده) من الأنبياء وكرام الملائكة. قاله عبد الرؤوف المناوي: والحديث سكت عنه المنذري.