(ونحن في الصفة) أهل الصفة فقراء المهاجرين كانوا يأوون إلى موضع مظلل في المسجد. وفي القاموس: أهل الصفة كانوا أضياف الإسلام يبيتون في صفة مسجده عليه الصلاة والسلام. وفي حاشية السيوطي على البخاري عدهم أبو نعيم في الحلية أكثر من مائة والصفة مكان في مؤخر المسجد أعد لنزول الغرباء فيه من لا مأوى له ولا أهل (فقال أيكم يحب أن يغدو) أي يذهب في الغدوة. وهي أول النهار (إلى بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء اسم واد بالمدينة سمي بذلك لسعته وانبساطه من البطح وهو البسط، وضبطه ابن الأثير بفتح الباء أيضا (أو العقيق) قيل أراد العقيق الأصغر وهو على ثلاثة أميال أو ميلين من المدينة، وخصهما بالذكر لأنهما أقرب المواضع التي يقام فيها أسواق الإبل إلى المدينة، والظاهر أن أو للتنويع، لكن في جامع الأصول أو قال إلى العقيق فدل على أنه شك من الراوي (كوماوين) تثنية كوماء قلبت الهمزة واوا، وأصل الكوم العلو أي فيحصل ناقتين عظيمتي السنام وهي من خيار مال العرب (زهراوين) أي سمينتين مائلتين إلى البياض من كثرة السمن (بغير إثم) كسرقة وغصب سمى موجب الإثم إثما مجازا (ولا قطع رحم) أي بغير ما يوجبه وهو تخصيص بعد تعميم (قالوا كلنا) أي يحب ذلك (خير له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث) ولفظ مسلم " خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع " والمعنى أن الآيتين خير له من ناقتين، وثلاث من الآيات خير له من ثلاث من الإبل، وأربع خير له من أربع من الإبل (مثل أعدادهن) جمع عدد (من الإبل) بيان للأعداد فخمس آيات خير من خمس إبل، وعلى هذا القياس.
ولفظ مسلم: " ومن أعدادهن من الإبل " فيحتمل أن يراد أن الآيتين خير من ناقتين ومن أعدادهما من الإبل، وثلاث خير من ثلاث ومن أعدادهن من الإبل، وكذا أربع.
والحاصل أن الآيات تفضل على أعدادهن من النوق ومن أعدادهن من الإبل. كذا ذكره الطيبي: والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم أراد ترغيمهم في الباقيات وتزهيدهم من الفانيات فذكره هذا على سبيل التمثيل والتقريب إلى فهم العليل وإلا فجميع الدنيا أحقر من أن يقابل بمعرفة آية من كتاب الله تعالى أو بثوابها من الدرجات العلى. قال المنذري: وأخرجه مسلم بنحوه.