وقد روي القنوت بعد الركوع في صلاة الفجر عن علي وأبي بكر وعمر وعثمان، فأما القنوت في شهر رمضان فمذهب إبراهيم النخعي وأهل الرأي وإسحاق أن يقنت في أوله وآخره. وقال الزهري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يقنت إلا في النصف الآخر منه، واحتجوا في ذلك بفعل أبي بن كعب وابن عمر ومعاذ القاري. انتهى.
(يقول في آخره وتره) أي بعد السلام منه كما في رواية قال ميرك: وفي إحدى روايات النسائي كان يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه (اللهم إني أعوذ برضاك) أي من جملة صفات جمالك (من سخطك) أي من بقية صفات جلالك (وبمعافاتك) من أفعال الإكرام والإنعام (من عقوبتك) من أفعال الغضب والانتقام (وأعوذ بك منك) أي بذاتك من آثار صفاتك، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: (ويحذركم الله نفسه)، وإشارة إلى قوله تعالى: (ففروا إلى الله) (لا أحصي ثناء عليك) أي لا أطيقه ولا أبلغه حصرا وعددا (أنت كما أثنيت على نفسك) أي ذاتك. قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث حماد بن سلمة. قال أبو داود: هشام أقدم شيخ لحماد وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: لم يرو عنه غير حماد ابن سلمة، وقال البخاري: قال أبو العباس قيل لأبي جعفر الدارمي روى عن هذا الشيخ غير حماد فقال لا أعلم وليس لحماد عنه إلا هذا الحديث، وقال أحمد بن حنبل هشام بن عمرو الفزاري من الثقات، وقال أبو حاتم الرازي شيخ قديم ثقة، وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وقد أخرجه أبو عبد الرحمن في الصلاة وابن ماجة في الدعاء انتهى.