ولا تكلني إلى نفسي في جملة من تفضلت عليهم. قال المظهر أمر مخاطب من تولى إذا أحب عبدا وقام بحفظه وحفظ أمره (وبارك) أي أكثر الخير (لي) أي لمنفعتي (فيما أعطيت) أي فيما أعطيتني من العمر والمال والعلوم والأعمال (وقني) أي احفظني (شر ما قضيت) أو ما قدرت لي من قضاء وقدر فسلم لي العقل والدين (تقضي) أي تقدر أو تحكم بكل ما أردت (ولا يقضى عليك) فإنه لا معقب لحكمك ولا يجب عليك شئ (إنه) أي الشأن (لا يذل) بفتح فكسر أي لا يصير ذليلا أي حقيقة ولا عبرة بالصورة (من واليت) الموالاة ضد المعاداة (ولا يعز من عاديت) هذه الجملة ليست في عامة النسخ إنما وجدت في بعضها، نعم روى البيهقي وكذا الطبراني من عدة طرق ولا يعز من عاديت (تباركت) أي تكاثر خيرك في الدارين (ربنا) بالنصب أي يا ربنا (وتعاليت) أي ارتفعت عظمتك وظهر قهرك وقدرتك على من في الكونين. وقال ابن الملك أي ارتفعت عن مشابهة كل شئ. قاله علي القاري.
واعلم أنه قد اختلف في كون القنوت قبل الركوع أو بعده، ففي بعض طرق الحديث عند البيهقي التصريح بكونه بعد الركوع، وقال تفرد بذلك أبو بكر بن شيبة الحزامي، وقد روى عنه البخاري في صحيحه وذكره ابن حبان في الثقات فلا يضر تفرده، وأما القنوت قبل الركوع فهو ثابت عند النسائي من حديث أبي بن كعب وعبد الرحمن بن أبزى، وضعف أبو داود ذكر القنوت فيه، وثابت أيضا في حديث ابن مسعود عند ابن أبي شيبة قال العراقي: وهو ضعيف قال: ويعضد كونه بعد الركوع أولى فعل الخلفاء الأربعة لذلك، والأحاديث الواردة في الصبح.
وقد روى محمد بن نصر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت بعد الركعة وأبو بكر وعمر حتى كان عثمان فقنت قبل الركعة ليدرك الناس قال العراقي: وإسناده جيد. قال المنذري:
وفي رواية قال: هذا يقول في الوتر في القنوت. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي واسمه ربيعة بن شيبان، ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئا أحسن من هذا وقال الخطابي: وقد اختلف الناس في قنوته في صلاة الفجر وفي موضع القنوت منها، فقال أصحاب الرأي لا قنوت إلا في الوتر ويقنت قبل الركوع، وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق يقنت في صلاة الفجر، والقنوت بعد الركوع.