هريرة وسعيد بن جبير وعطاء وابن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد، وقال آخرون: ليست التسمية من فاتحة الكتاب، وروى ذلك عن عبد الله بن المغفل، وإليه ذهب أصحاب الرأي وهو قول مالك والأوزاعي. انتهى. والحديث أخرجه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة.
(عن محمود بن الربيع) في رواية الحميدي عن سفيان حدثنا الزهري سمعت محمود بن الربيع، ولمسلم من رواية صالح بن كيسان عن ابن شهاب أن محمود بن الربيع أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره، وبهذا التصريح بالإخبار يندفع تعليل من أعله بالانقطاع لكون بعض الرواة أدخل بين محمود وعبادة رجلا، وهي رواية ضعيفة عند الدارقطني، قاله الحافظ. (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فيه دلالة صريحة واضحة على أن كل صلاة لا تقرأ فيها فاتحة الكتاب لا تصح ولا تجوز، لأن النفي في قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة يتوجه إلى الذات إن أمكن انتفاؤها وإلا توجه إلى ما هو أقرب إلى الذات وهو الصحة لا إلى الكمال لأن الصحة أقرب المجازين والكمال أبعدهما، والحمل على أقرب المجازين واجب، وتوجه النفي ههنا إلى الذات ممكن كما قال الحافظ في الفتح لأن المراد بالصلاة معناها الشرعي لا اللغوي لما تقرر من أن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه لكونه بعث لتعريف الشرعيات لا لتعريف الموضوعات اللغوية.
وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام نفي الذات، لأن المركب كما ينتفي بانتفاء جميع أجزائه ينتفي بانتفاء بعضها، فلا يحتاج بإضمار الصحة ولا الأجزاء ولا الكمال كما روي عن جماعة، لأنه إنما يحتاج إليه عند الضرورة وهي عدم إمكان انتفاء الذات.
ولو سلم أن المراد ههنا الصلاة اللغوية فلا يمكن توجه النفي إلى ذاتها، لأنها قد وجدت في الخارج كما قاله البعض، لكان المتعين توجيه النفي إلى الصحة أو الإجزاء إلى الكمال، وإما أولا فلما ذكرنا من أن ذلك أقرب المجازين، وإما ثانيا فلرواية الدارقطني بلفظ " لا تجزئ الصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وقال إسناده صحيح، وصححها ابن القطان ولها شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ أخرجه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما، ولأحمد بلفظ " لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن " ومن ههنا لاح لك أن قول الحنفية بأن المراد بالنفي في الحديث نفي الكمال باطل لا دليل عليه.