ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي وهو الرسول صلى الله عليه وسلم (أن نقرأ بفاتحة الكتاب) فيه وفيما يأتي من الأحاديث دليل على وجوب القراءة في الصلاة وأنها متعينة لا يجزي غيرها إلا لعاجز عنها وهذا مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال أبو حنيفة وطائفة قليلة لا يجب الفاتحة بل الواجب آية من القرآن (وما تيسر) في محل الجر عطف على فاتحة الكتاب، أي أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وبما تيسر من القرآن. واستدل به وبقوله فما زاد في حديث أبي هريرة الآتي وبقوله فصاعدا في حديث عبادة بن الصامت الآتي على وجوب قدر زائد على الفاتحة. وتعقب بأنه ورد لدفع توهم قصر الحكم على الفاتحة. قال البخاري في جزء القراءة: هو نظير قوله تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا. وادعى ابن حبان والقرطبي وغيرهما الاجماع على عدم وجوب قدر زائد عليها، وفيه نظر لثبوته عن بعض الصحابة ومن بعدهم فيما رواه ابن المنذر وغيره، ولعلهم أرادوا أن الأمر استقر على ذلك. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة يقول كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت وإن زدت فهو خير لابن خزيمة من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بفاتحة الكتاب. كذا أفاد الحافظ في فتح الباري. قال الشوكاني في النيل بعد ذكر الأحاديث التي فيها زيادة فصاعدا ما نصه: وهذه الأحاديث لا تقصر عن الدلالة على وجوب قرآن مع الفاتحة ولا خلاف في استحباب السورة مع الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات. قال النووي: أن ذلك سنة عند جميع العلماء. وحكى القاضي عياض عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة. قال النووي: وهو شاذ مردود. وأما السورة في الركعة الثالثة والرابعة فكره ذلك مالك واستحبه الشافعي في قوله الجديد دون القديم، ثم قال ما حاصله إنه قد ذهب إلى إيجاب قرآن مع الفاتحة عمر وابنه عبد الله وعثمان بن أبي العاص وغيرهم والظاهر ما ذهبوا إليه من إيجاب شئ من القرآن. وأما التقدير بثلاث آيات فلا دليل عليه إلا توهم أنه لا يسمى دون ذلك قرآنا لعدم إعجازه كما قيل وهو فاسد لصدق القرآن على القليل والكثير لأنه جنس. وأيضا المراد ما يسمى قرآنا ما يسمى معجزا ولا تلازم بينهما، وكذلك التقدير بالآية الطويلة. نعم لو كان حديث أبي سعيد الذي عند ابن ماجة بلفظ لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها صحيحا لكان مفسرا للمبهم في الأحاديث من قوله فما زاد وقوله فصاعدا وقوله ما تيسر ولكان دالا على وجوب الفاتحة وسورة في كل ركعة ولكنه ضعيف، وقد عورضت هذه الأحاديث بما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أنه قال في كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم وإن تزد على أم القرآن أجزأت وإن
(٢٥)