سيرين عن أبي المهلب وهو عم أبي قلابة غير هذا الحديث، وروى محمد هذا الحديث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب، وأبو المهلب اسمه عبد الرحمن بن عمرو، ويقال معاوية بن عمرو، وقد روى عبد الوهاب الثقفي وهشيم وغير واحد هذا الحديث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة بطوله وهو حديث عمران بن حصين " أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم في ثلاثة ركعات من العصر فقام رجل يقال له الخرباق ".
واختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو فقال بعضهم يتشهد فيهما ويسلم، وقال بعضهم ليس فيهما تشهد وتسليم وإذا سجدهما قبل التسليم لم يتشهد وهو قول أحمد وإسحاق قالا: إذا سجد سجدتي السهو قبل السلام لم يتشهد. انتهى. والحديث أخرجه الحاكم وصححه.
قلت: وفي سياق حديث سنن أبي داود، الذي تقدم في باب السهو في السجدتين وفي غير سننه أن هذا السهو سهوه صلى الله عليه وسلم الذي في خبر ذي اليدين فإنه فيه بعد أن ساق حديث أبي هريرة إلى قوله ثم رفع وكبر ما لفظه، فقيل لمحمد بن سيرين الراوي سلم في السهو؟
فقال لم أحفظه من أبي هريرة ولكن نبئت أن عمران بن حصين قال ثم سلم. وفي السنن أيضا من حديث عمران بن حصين قال: " سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم دخل فقام إليه رجل يقال الخرباق كان طويل اليدين إلى قوله فقال أصدق فقالوا نعم فصلى تلك الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتيها ثم سلم " رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي: ويحتمل أنها تعددت القصة. وفي الحديث دليل على أنه يستحب عقيب الصلاة كما تدل له الفاء. وفيه تصريح بالتشهد. وقيل ولم يقل أحد بوجوبه ولفظ تشهد يدل على أنه أتى بالشهادتين وبه قال بعض العلماء، وقيل: يكفي التشهد الأوسط واللفظ في الأول أظهر. وفيه دليل على شرعية التسليم كما يدل له رواية عمران بن الحصين التي ذكرناها لا الرواية التي في الباب فإنها ليست بصريحة أن التسليم كان لسجدتي السهو، فإنها تحتمل أنه لم يكن سلم للصلاة وأنه سجد لها قبل السلام ثم سلم تسليم الصلاة، قاله في سبل السلام.
وفي نيل الأوطار: اختلف أهل العلم هل حديث عمران هذا، وحديث أبي هريرة المتقدم حكاية لقصة واحدة أو لقصتين مختلفتين، والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدد لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات متعسفة والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: حسن غريب انتهى.