المرام: يتعين قبول زيادته، إذ هي زيادة عدل وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها، وقد عرفت أن الوارد زيادة " وبركاته " وقد صحت، ولا عذر عن القول بها. وقال به جماعة من العلماء. وقول ابن الصلاح: إنها لم تثبت قد تعجب منه الحافظ، وقال هي ثابتة عند ابن حبان في صحيحه، وعند أبي داود وعند ابن ماجة. قال صاحب السبل، إلا أنه قال ابن رسلان في شرح السنن: لم نجدها في ابن ماجة. قال صاحب السبل: راجعنا سنن ابن ماجة من نسخة صحيحة مقروءة فوجدنا فيه ما لفظه باب التسليم حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا عمر بن عبيد عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " انتهى لفظه. قال مؤلف غاية المقصود لكن نسخة السنن لابن ماجة التي عند شيخنا نذير حسين المحدث أظنها بخط القاضي ثناء الله رحمه الله والتي بأيدينا تؤيد كلام ابن رسلان فإنها خالية عن هذه الزيادة، لكن الاعتماد في ذلك الباب على نسخة صحيحة مقروءة على الحفاظ كما قاله الأمير اليماني في السبل فإنه رأى هذه الزيادة وأيضا قد أثبت هذه الزيادة من رواية ابن ماجة الحافظ في التلخيص وغيره من الكتب والله أعلم.
وفي تلقيح الأفكار تخريج الأذكار للحافظ ابن حجر لما ذكر النووي أن زيادة وبركاته زيادة فردة ساق الحافظ طرقا عدة لزيادة وبركاته ثم قال فهذه عدة طرق ثبتت بها وبركاته بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة انتهى كلامه. وحيث ثبت أن التسليمتين من فعله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة وقد ثبت قوله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " وثبت حديث " تحريمها التكبير وتحليلها السلام " أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح، فيجب التسليم لذلك. وقد ذهب إلى القول بوجوبه الشافعية. وقال النووي إنه قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وذهبت الحنفية وآخرون إلى أنه سنة مستدلين على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ابن عمر " إذا رفع الإمام رأسه من السجدة وقعد ثم أحدث قبل التسليم فقد تمت صلاته " فدل على أن التسليم ليس بركن واجب وإلا لوجبت الإعادة، ولحديث المسئ صلاته فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بالسلام. وأجيب عنه بأن حديث ابن عمر ضعيف باتفاق الحفاظ، فإنه أخرجه الترمذي وقال هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي وقد اضطربوا في إسناده، وحديث المسئ صلاته لا ينافي الوجوب فإن هذه زيادة وهي مقبولة والاستدلال بقوله تعالى: " اركعوا واسجدوا " على عدم وجوب السلام استدلال غير تام لأن الآية مجملة بين المطلوب منها فعله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو عمل بها وحدها لما وجبت القراءة ولا غيرها.