بالإشارة التوحيد والإخلاص فيه فيكون جامعا في التوحيد بين الفعل والقول والاعتقاد ولذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الإشارة بالإصبعين وقال أحد أحد لمن رآه يشير بأصبعيه انتهى. قال الإمام الخطابي في معالم السنن: في هذا الحديث إثبات الإشارة بالسبابة، وكان بعض أهل العراق لا يرى الإشارة بالسبابة وفيه إثبات التحليق بالإبهام والوسطى. وكان بعض أهل المدينة لا يرى التحليق وقال يقبض أصابعه الثلاث ويشير بالسبابة، وكان بعضهم يرى أن يحلق فيضع أنملته الوسطى بين عقدي الإبهام، وإنما السنة أن يحلق برؤوس الأنامل من الإبهام والوسطى حتى يكون كالحلقة المستديرة لا يفضل من جوانبها شئ انتهى.
واعلم أنه قد ورد في وضع اليمنى على الفخذ حال التشهد هيئات، إحداها التحليق كما في حديث الباب، والثانية ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة.
قال الحافظ في التلخيص: صورتها أن يجعل الإبهام معترضة تحت المسبحة، والثالثة قبض كل الأصابع والإشارة بالسبابة كما في حديث ابن عمر عند مسلم بلفظ " كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، والرابعة ما أخرجه مسلم من حديث ابن الزبير بلفظ " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى و يده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بإصبعه السبابة ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى ويلقم كفه اليسرى ركبته. والخامسة وضع اليد اليمنى على الفخذ من غير قبض والإشارة بالسبابة. وقد أخرج مسلم رواية أخرى عن ابن الزبير تدل على ذلك لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة، وكذلك أخرج عن ابن عمر ما يدل على ذلك، وكذلك أخرج المؤلف والترمذي من حديث أبي حميد بدون ذكر القبض، اللهم إلا أن تحمل الرواية التي لم يذكر فيها القبض على الرواية التي فيها القبض حمل المطلق على المقيد.
واعلم أن قوله في حديث ابن عمر وعقد ثلاثا وخمسين إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب وهي أنواع من الآحاد والعشرات والمئين والألوف، أما الآحاد فللواحد عقد الخنصر إلى أقرب ما يليه من باطن الكف، وللاثنين عقد البنصر معها كذلك، وللثلاثة عقد الوسطى معها كذلك، وللأربعة حل الخنصر، وللخمسة حل البنصر معها دون الوسطى، وللستة عقد البنصر وحل جميع الأنامل وللسبعة بسط الخنصر إلى أصل الإبهام مما يلي الكف، وللثمانية بسط البنصر فوقها كذلك، وللتسعة بسط الوسطى فوقها كذلك، وأما العشرات فلها الإبهام والسبابة، فللعشرة الأولى عقد رأس الإبهام على طرف