قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك ولا أرى النجاشي الا قد مات ولا أرى هديتي الا مردودة علي فإن ردت علي فهي لك قال وكان كما قال الحديث وإسناده حسن ثم ذكر المصنف حديث جابر في وفاء أبي بكر الصديق له ما وعده به النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بسط شرحه في كتاب فرض الخمس إن شاء الله تعالى قال الإسماعيلي ليس ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لجابر هبة وإنما هي عدة على وصف لكن لما كان وعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يخلف نزلوا وعده منزلة الضمان في الصحة فرقا بينه وبين غيره من الأمة ممن يجوز أن يفي وأن لا يفي (قلت) وجه إيراده أنه نزل الهدية إذا لم تقبض منزلة الوعد بها وقد أمر الله بانجاز الوعد ولكن حمله الجمهور على الندب كما سيأتي (قوله باب كيف يقبض العبد والمتاع) أي الموهوب قال بن بطال كيفية القبض عند العلماء بإسلام الواهب لها إلى الموهوب وحيازة الموهوب لذلك قال واختلفوا هل من شرط صحة الهبة الحيازة أم لا فحكى الخلاف وتحريره قول الجمهور أنها لا تتم الا بالقبض وعن القديم وبه قال أبو ثور وداود تصح بنفس العقد وأن لم تقبض وعن أحمد تصح بدون القبض في العين المعينة دون الشائعة وعن مالك كالقديم لكن قال أن مات الواهب قبل القبض وزادت على الثلث افتقر إلى إجازة الوارث ثم أن الترجمة في الكيفية لا في أصل القبض وكأنه أشار إلى قول من قال يشترط في الهبة حقيقة القبض دون التخلية وسأشير إليه بعد ثلاثة أبواب (قوله وقال بن عمر كنت على بكر صعب) الحديث تقدم ذكره وشرحه في كتاب البيوع ثم ذكر المصنف حديث المسور بن مخرمة في قصة أبيه في القباء وسيأتى الكلام عليه في كتاب اللباس وقوله فقال خبأنا هذا لك قال فنظر إليه فقال رضي مخرمة قال الداودي هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم على جهة الاستفهام أي هل رضيت وقال ابن التين يحتمل أن يكون من قول مخرمة (قلت) وهو المتبادر للذهن (قوله باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت) أي جازت ونقل فيه بن بطال اتفاق العلماء وأن القبض في الهبة هو غاية القبول وغفل رحمه الله عن مذهب الشافعي فإن الشافعية يشترطون القبول في الهبة دون الهدية الا أن كانت الهبة ضمنية كما لو قال أعتق عبدك عني فعتقه عنه فإنه يدخل في ملكه هبة ويعتق عنه ولا يشترط القبول ومقابل إطلاق ابن بطال قول الماوردي قال الحسن البصري لا يعتبر القبول في الهبة كالعتق قال وهو قول شذ به عن الجماعة وخالف فيه الكافة الا أن يريد الهدية فيحتمل اه على أن في اشتراط القبول في الهدية وجها عند الشافعية ثم أورده فيه حديث أبي هريرة في قصة المجامع فرمضان وقد تقدم شرحه مستوفى في الصيام والغرض منه أنه صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل التمر فقبضه ولم يقل قبلت ثم قال له اذهب فأطعمه أهلك ولمن اشترط القبول أن يجيب عن هذا بأنها واقعة عين فلا حجة فيها ولم يصرح فيها بذكر القبول ولا بنفيه وقد اعترض الإسماعيلي بأنه ليس في الحديث أن ذلك كان هبة بل لعله كان من الصدقة فيكون قاسما لا واهبا اه وقد تقدم في الصوم التصريح بأن ذلك كان من الصدقة وكأن المصنف يجنح إلى أنه لا فرق في ذلك (قوله باب إذا وهب دينا على رجل) أي صح ولم يقبضه منه ويقبض له قال ابن بطال لا خلاف بين العلماء
(١٦٤)