النووي يجمع بينهما بأن يكون مأمورا بالمعرفة في حالتين فيعرف العلامات أول ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها كما تقدم ثم بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها فيعرفها مرة أخرى تعرفا وافيا محققا ليعلم قدرها وصفتها فيردها إلى صاحبها قلت ويحتمل أن تكون ثم في الروايتين بمعنى الواو فلا تقتضي ترتيبا ولا تقتضي تخالفا يحتاج إلى الجمع ويقويه كون المخرج واحد والقصة واحدة وإنما يحسن ما تقدم أن لو كان المخرج مختلفا فيحمل على تعدد القصة وليس الغرض إلا أن يقع التعرف والتعريف مع قطع النظر عن أيهما أسبق واختلف في هذه المعرفة على قولين للعلماء أظهرهما الوجوب لظاهر الامر وقيل يستحب وقال بعضهم يجب عند الالتقاط ويستحب بعده والعفاص بكسر المهملة وتخفيف الفاء وبعد الألف مهملة الوعاء الذي تكون فيه النفقة جلدا كان أو غيره وقيل له العفاص أخذا من العفص وهو الثني لان الوعاء يثنى على ما فيه وقد وقع في زوائد المسند لعبد الله بن أحمد من طريق الأعمش عن سلمة في حديث أبي وخرقتها بدل عفاصها والعفاص أيضا الجلد الذي يكون على رأس القارورة وأما الذي يدخل فم القارورة من جلد أو غيره فهو الصمام بكسر الصاد المهملة (قلت) فحيث ذكر العفاص مع الوعاء فالمراد الثاني وحيث لم يذكر العفاص مع الوعاء فالمراد به الأول والغرض معرفة الآلات التي تحفظ النفقة ويلتحق بما ذكر حفظ الجنس والصفة والقدر والكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن والذرع فيما يذرع وقال جماعة من الشافعية يستحب تقييدها بالكتابة خوف النسيان واختلفوا فيما إذا عرف بعض الصفات دون بعض بناء على القول بوجوب الدفع لمن عرف الصفة قال بن القاسم لا بد من ذكر جميعها وكذا قال أصبغ لكن قال لا يشترط معرفة العدد وقول ابن القاسم أقوى لثبوت ذكر العدد في الرواية الأخرى وزيادة الحافظ حجة وقوله عرفها بالتشديد وكسر الراء أي اذكرها للناس قال العلماء محل ذلك المحافل كأبواب المساجد والأسواق ونحو ذلك يقول من ضاعت له نفقة أو نحو ذلك من العبارات ولا يذكر شيئا من الصفات وقوله سنة أي متوالية فلو عرفها سنة متفرقة لم يكف كأن يعرفها في كل سنة شهرا فيصدق أنه عرفها سنة في اثنتي عشرة سنة وقال العلماء يعرفها في كل يوم مرتين ثم مرة في كل أسبوع ثم في كل شهر ولا يشترط أن يعرفها بنفسه بل يجوز بوكيله ويعرفها في مكان سقوطها وفي غيره (قوله فان جاء أحد يخبرك بها) جواب الشرط محذوف تقديره فأدها إليه وفي رواية محمد بن يوسف عن سفيان كما سيأتي في آخر أبواب اللقطة فإن جاء أحد يخبرك بعفاصها ووكائها وقد تقدم البحث فيه (قوله وإلا فاستنفقها) سيأتي البحث فيه بعد أبواب واستدل به على أن الملتقط يتصرف فيها سواء كان غنيا أو فقيرا وعن أبي حنيفة إن كان غنيا تصدق بها وأن جاء صاحبها تخير بين امضاء الصدقة أو تغريمه قال صاحب الهداية الا إن كان بإذن الامام فيجوز للغني كما في قصة أبى ابن كعب وبهذا وبهذا قال عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين (قوله قال يا رسول الله فضالة الغنم) أي ما حكمها فحذف ذلك للعلم به قال العلماء الضالة لا تقع الا على الحيوان وما سواه يقال له لقطة ويقال للضوال أيضا الهوامي والهوافي بالميم والفاء والهوامل (قوله لك أو لأخيك أو للذئب) فيه إشارة إلى جواز أخذها كأنه قال هي ضعيفة لعدم الاستقلال معرضة للهلاك مترددة بين أن تأخذها أنت أو أخوك والمراد به ما هو أعم من
(٥٩)