غسان المدني قال هذه نسخة صدقة عمر أخذتها من كتابه الذي عند آل عمر فنسختها حرفا حرفا هذا ما كتب عبد الله عمر أمير المؤمنين في ثمغ أنه إلى حفصة ما عاشت تنفق ثمره حيث أراها الله فإن توفيت فإلى ذوي الرأي من أهلها (قلت) فذكر الشرط كله نحو الذي تقدم في الحديث المرفوع ثم قال والمائة وسق الذي أطعمني النبي صلى الله عليه وسلم فإنها مع ثمغ على سننه الذي أمرت به وأن شاء ولي ثمغ أن يشتري من ثمره رقيقا يعملون فيه فعل وكتب معيقيب وشهد عبد الله ابن الأرقم وكذا أخرج أبو داود في روايته نحو هذا وذكرا جميعا كتابا آخر نحو هذا الكتاب وفيه من الزيادة وصرمة بن الأكوع والعبد الذي فيه صدقة كذلك وهذا يقتضي أن عمر إنما كتب كتاب وقفه في خلافته لان معيقيبا كان كاتبه في زمن خلافته وقد وصفه فيه بأنه أمير المؤمنين فيحتمل أن يكون وقفه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ وتولى هو النظر عليه إلى أن حضرته الوصية فكتب حينئذ الكتاب ويحتمل أن يكون أخر وقفيته ولم يقع منه قبل ذلك الا استشارته في كيفيته وقد روى الطحاوي وابن عبد البر من طريق مالك عن بن شهاب قال قال عمر لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لرددتها فهذا يشعر بالاحتمال الثاني وأنه لم ينجز الوقف الا عند وصيته واستدل الطحاوي بقول عمر هذا لأبي حنيفة وزفر في أن إيقاف الأرض لا يمنع من الرجوع فيها وأن الذي منع عمر من الرجوع كونه ذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فكره أن يفارقه على أمر ثم يخالفه إلى غيره ولا حجة فيما ذكره من وجهين أحدهما أنه منقطع لان بن شهاب لم يدرك عمر ثانيهما أنه يحتمل ما قدمته ويحتمل أن يكون عمر كان يرى بصحة الوقف ولزومه إلا إن شرط الواقف الرجوع فيه فله أن يرجع وقد روى الطحاوي عن علي مثل ذلك فلا حجة فيه لمن قال بأن الوقف غير لازم مع إمكان هذا الاحتمال وان ثبت هذا الاحتمال كان حجة لمن قال بصحة تعليق الوقف وهو عند المالكية وبه قال ابن سريج وقال تعود منافعه بعد المدة المعينة إليه ثم إلى ورثته فلو كان التعليق مآلا صح اتفاقا كما لو قال وقفته على زيد سنة ثم على الفقراء وحديث عمر هذا أصل في مشروعية الوقف قال أحمد حدثنا حماد هو بن خالد حدثنا عبد الله هو العمري عن نافع عن ابن عمر قال أول صدقة أي موقوفة كانت في الاسلام صدقة عمر وروى عمر بن شبة عن عمرو ابن سعد بن معاذ قال سألنا عن أول حبس في الاسلام فقال المهاجرون صدقة عمر وقال الأنصار صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده الواقدي وفي مغازي الواقدي أن أول صدقة موقوفة كانت في الاسلام أراضي مخيريق بالمعجمة مصغر التي أوصى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم قال الترمذي لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافا في جواز وقف الأرضين وجاء عن شريح أنه أنكر الحبس ومنهم من تأوله وقال أبو حنيفة لا يلزم وخالفه جميع أصحابه إلا زفر بن هذيل فحكى الطحاوي عن عيسى بن أبان قال كان أبو يوسف يجيز بيع الوقف فبلغه حديث عمر هذا فقال من سمع هذا من ابن عون فحدثه به بن علية فقال هذا لا يسع أحدا خلافه ولو بلغ أبا حنيفة لقال به فرجع عن بيع الوقف حتى صار كأنه لا خلاف فيه بين أحد اه ومع حكاية الطحاوي هذا فقد انتصر كعادته فقال قوله في قصة عمر حبس الأصل وسبل الثمرة لا يستلزم التأبيد بل يحتمل أن يكون أراد مدة اختياره
(٣٠١)