وعند ما قام رواد اللغة بتدوينها لم ينتبهوا إلى تطور مدلول مادة " غنم " كما ذكرنا، وأنتج ذلك ان بعضهم لاحظ استعمالها في المدينة بعد تشريع الخمس مثل الراغب فقال:
" استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم ".
ولاحظ ابن منظور وغيره تارة استعمالها في العصر الجاهلي، وقالوا: " غنم الشئ: فاز به، والاغتنام: انتهاز الغنم.. ".
وتارة استعمالها في عصر الفتوح مع قرينة خفيت عليهم وبعدها بلا قرينة، فقالوا: " الغنيمة ما أصيب من أموال أهل الحرب ".
وتردد صاحب القاموس في " الغنم " وهل هو بمعنى الفوز والفئ 1 كليهما أي أنه مشترك بين المعنيين، أو أن الغنيمة بمعنى الفئ وسائر مشتقات المادة بمعنى الفوز بالشئ 2.
هكذا خلطوا في تفسير مادة " غنم "، والصواب ان نلاحظ تطور مدلول المادة كما ذكرنا ونقول: ان مادة " غنم " كانت:
أ - في العصر الجاهلي وصدر الاسلام، في اللغة: حقيقة في الفوز بالشئ بلا مشقة.
ب - بعد نزول آية الخمس في الشرع: حقيقة في ما ظفر به من جهة العدى وغيرهم، إلى جنب حقيقتها اللغوية فإنها لم تكن منسية يومذاك.
ج - في عصر تدوين اللغة فما بعد: حقيقة عند المتشرعة - اي المسلمين - في ما ظفر به من جهة العدى خاصة، وذلك أيضا إلى جنب حقيقتها اللغوية.
وعلى هذا فانا إذا وجدنا إحدى مشتقات هذه المادة مستعملة في الكلام حتى صدر الاسلام، ينبغي أن نحملها على معناها اللغوي خاصة أي " الفوز بالشئ بلا مشقة " وفي غير ما ظفر به من جهة العدى.
وإذا وجدناها مستعملة بعد تشريع الخمس عند المسلمين أو في التشريع الاسلامي، فاما ان يحمل على معناها اللغوي المذكور أو على معناها الشرعي " الظفر بالشئ من جهة العدى وغيرهم " فإنها مشتركة بينهما.
وإذا وجدناها مستعملة عندهم في عصر تدوين اللغة فما بعد، فالأرجح حملها