الشرع الاسلامي، والفرد المسلم ينفذ قراره، ثم أن الحاكم الاسلامي بعد ذلك، أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب، ولا يملك أحد الغزاة عدا سلب القتيل شيئا مما سلب، وإنما يأتي كل غاز بما سلب إليهما، والا عد من الغلول العار على أهله وشنار ونار يوم القيامة، والحاكم الاسلامي هو الذي يعين بعد اخراج الخمس للراجل سهمه وللفارس سهمه، ويرضخ للمرأة، وقد يشرك الغائب عن الحرب في الغنيمة ويعطى للمؤلفة قلوبهم اضعاف سهم المؤمن المجاهد.
وإذا كان اعلان الحرب واخراج خمس غنائم الحرب على عهد النبي من شؤون النبي في هذه الأمة فماذا يعنى طلبه الخمس من الناس وتأكيده ذلك في كتاب بعد كتاب وعهد بعد عهد إن لم يكن الخمس في تلك الكتب والعهود مثل الصدقة مما يجب في أموال المخاطبين وليس خاصا بغنائم الحرب.
وعلى هذا فلابد إذا من حمل لفظ الغنائم والمغنم في تلك الكتب والعهود على معناهم اللغوي: " الفوز بالشئ بلا مشقة "، أو معناهما الشرعي: " ما ظفر به من جهة العدى وغيره ".
أضف إلى هذا ما ذكرناه بتفسير الغنيمة في أول البحث من أن الغنيمة أصبحت حقيقة في غنائم الحرب في المجتمع الاسلامي بعد تدوين اللغة لا قبله. ولا يصح مع هذا، حمل ما ورد في حديث الرسول على ما تعارف عليه الناس قرابة قرنين بعده، وأما ما ورد في بعض تلك الكتب والعهود بلفظ " حظ الله وحظ الرسول "، أو " حق النبي "، أو " سهم النبي " وما شابهها، فان تفسيرها في الآية الكريمة " واعلموا ان ما غنمتم من شئ فان الله خمسه وللرسول... " وفي السنة النبوية التي تبين هذه الآية وتشرحها حيث تعينان سهم الله وسهم النبي في " المغنم " وهو الخمس وهو أيضا حقهما وحظهما.
وبعد ما ثبت مما أوردناه في ما سبق ان النبي كان يأخذ الخمس من غنائم الحرب ومن غير غنائم الحرب، ويطلب ممن أسلم ان يؤدى الخمس من كل ما غنم عدا ما فرض فيهن الصدقة، بعد هذا نبحث في ما يلي عن مواضع الخمس.