قال: إنني وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد صلى الله عليه وآله من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل محمد حتى جعل موسى يقول:
يا ليتني كنت من آل محمد وحتى ذكر فلانا وفلانا وفلانا، ومبعث رسول الله إلى قومه وما يلقى منهم، ومن تكذيبهم إياه، وذكر له تأويل هذه الآية (ونقلب أفئدتهم و أبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) (1) حين أخذ الميثاق عليهم.
فقال موسى: هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا فقال الخضر: إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى: (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) قال الخضر: فإن اتبعتني فلا تسئلن عن شئ أفعله ولا تنكره على حتى أحدث لك منه ذكرا (2) يقول: أخبرك أنا بخبره.
قال: نعم فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة وهي تريد أن تعبر فقال أرباب السفينة نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فإنهم قوم صالحون، فحملوهم فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة، فكسرها وحشاها بالخزف والطين، فغضب موسى غضبا شديدا وقال للخضر: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا.
فقال له الخضر: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال موسى لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا) فخرجوا من السفينة فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر وفي اذنيه درتان فتأمله الخضر ثم أخذه فقتله فوثب موسى على الخضر وجلد به الأرض فقال (أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا) فقال الخضر: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا).
قال موسى: (إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل القرية) بالعشي تسمى الناصرة واليها ينسب النصارى، ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم، ولم يضيفوهم، فنظر