النيسابوري قال: قال: أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري في العلل التي سمعنا من الرضا عليه السلام أنه قال:
فإن قال قائل: فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل لعلل كثيرة منها أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.
ومنها أنا لا نجد فرقة من الفرق، ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس ولما لابد لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لابد له منه لا قوام لهم إلا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون فيئهم ويقيم لهم جمعهم و جماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم.
ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما، أمينا، حافظا مستودعا لدرست الملة و ذهب الدنيا وغيرت السنن والأحكام، ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون و شبهوا ذلك على المسلمين لأنا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم، فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لفسدوا على نحو ما بينا وغيرت الشرايع والسنن والأحكام والايمان وكان ذلك فساد الخلق أجمعين.
فان قال قائل: فلم لا يجوز أن لا يكون في الأرض إمامان في وقت واحد وأكثر من ذلك؟ قيل لعلل منها أن الواحد لا يختلف فعله وتدبيره، والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما، وذلك إنا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم والإرادة، فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما وإرادتهما وتدبيرهما وكانا كلاهما مفترض الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد، ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما الا وهو عاص للآخر وتعم معصية أهل الأرض، ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة والإيمان ويكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع الذي