القاسم قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليهما السلام يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، و من وصفه بالمكان فهو كافر، ومن نسب إليه ما نهي عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون (1).
23 - عنه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي الله عنه - قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس في مسجد الكوفة فقال:
الحمد لله الذي لا من شئ كان، ولا من شئ كون ما قد كان، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينية ولا له شبه مثال فيوصف بكيفية ولم يغب عن علمه شئ فيعلم بحيثية مبائن لجميع ما أحدث في الصفات وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات محرم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده وعلى عوامق ناقبات الفكر تكييفه وعلى غوائص سابحات الفطر تصويره، لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تذرعه المقادير لجلاله ولا تقطعه المقائيس لكبريائه.
ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه وعن الأفهام أن تستغرقه، وعن الأذهان أن تمثله قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ونضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم، واحد لا من عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، ليس بجنس فتعاد له الأجناس ولا بشبح فتضارعه الأشباه، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته.