له: فارق صاحبتك زينب بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة شئت من قريش فقال: لا ها الله أذن لا أفارق صاحبتي، وما حب إن لي بها من قريش فكان رسول الله (ص) إذا ذكره يثني عليه خيرا في صهره ثم مشوا إلى الفاسق عتبة بن أبي لهب فقالوا له: أطلق ابنة محمد ونحن ننكحك أي امرأة شئت من قريش فقال: إن أنتم زوجتموني ابنة سعيد بن العاص فارقتها فزوجوه ابنة سعيد بن العاص ففارقها ولم يكن دخل بها فأخرجها الله من يد ذلك الفاسق كرامة لها وهوانا له، وأما زينب تزوج بها أبو العاص بن الربيع قبل البعثة بمقتضى أمر خديجة لأنها خالة أبي العاص وتحبه ثم بعد البعثة أسلمن بنات رسول الله (ص) وأسلمت زينب ولم يسلم أبو العاص إلى إن هاجر رسول الله (ص) إلى المدينة واتفقت غزاة بدر، وكان ممن حضر بدر من مشركي قريش أبو العاص زوج زينب.
فلما نصر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على المشركين كان أبو العاص ممن أخذ أسيرا فأتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان مع الأسارى، فلما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بعلها بمال، وكان فيما بعثت به قلادة كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص ليلة زفافها عليه، فلما رآها رسول الله (ص) رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لابنتي زينب أسيرها وتردوه عليها ما بعثت به من الفداء فافعلوا فقالوا: نعم نفديك بأنفسنا وأموالنا فردوا عليها ما بعثت به وأطلقوا لها أبا العاص.
قال ابن أبي الحديد: قرأت على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي البصري، وكان أستاده قال: قرأت هذا الخبر على النقيب فقال لي: أترى أبا بكر وعمر لم يشهدا هذا المشهد نعم قد شهدا أتقصر منزلة فاطمة عند رسول الله من منزلة زينب أختها وهي سيدة نساء العالمين لا والله ما تقصرا ما كان مقتضى التكرم والاحسان إن يطيبا قلب فاطمة بفدك ويستوهباه لها من المسلمين على سبيل الالتماس والاستدعاء لا التحكم ويقولان: يا معشر المسلمين هذه بنت نبيكم قد حضرت تطلب هذه النخيلات أفتطيبون عنها نفسا أترى المسلمين كانوا منعوها ذلك لا والله ما منعوها هذا إذا لم يثبت لها حق في فدك لا بالنخلة ولا بالإرث وإلا فمعلوم، ثم قال: إنهما لم يأتيا بحسن في شرع التكرم وأن كان ما أتياه حسنا في الدين، والحاصل فلما أطلق النبي (ص) أبا العاص