والمجد، وشجرة الفخر والنجد، السابقة إلى الاسلام والدين في العاجلة، والأخرى مولاتنا وسيدتنا أم المؤمنين خديجة الكبرى وهي أميرة عشيرتها وسيدة قومها ووزيرة صدق لرسول الله (ص)، ولدت قبل عام الفيل بخمسة عشر سنة، وتوفت في رمضان سنة عشرة من البعثة في يوم العاشر من رمضان بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام.
ومن جملة شؤونها إنها كانت أول امرأة آمنت برسول الله وقد شيد الله دينه بمال خديجة كما قال (ص): ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف علي بن أبي طالب.
وروي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية (فوجدك عائلا فأغنى) يعني وجدك فقيرا فأغناك بمال خديجة. كان لخديجة مال كثير وحسن وجمال، ومن جملة مالها من أواني الذهب مئة طشت، ومن الفضة مثلها ومئة إبريق من ذهب، ومن العبيد والجواري مئة وستون، ومن البقر والغنم والإبل والحلي والحلل وغيرها ما شاء الله قيل: كان لها ثمانون الف من الإبل بل كانت تؤجر وتكري من بلد إلى بلد فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بقيت تنام هي ورسول الله (ص) في كساء واحد لم يكن لها غيرها.
ومن جملة شؤونها إن الله وجبرئيل بلغاها السلام كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: لما رجعت من السماء قلت يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ قال حاجتي أن تقرأ من الله ومني على خديجة السلام وبلغ رسول الله (ص) فقالت: إن الله هو السلام ومنه السلام واليه يعود السلام وعلى جبرئيل السلام، ومن جملة شؤونها إن الله جعل بطنها وعاء للإمامة دخل رسول الله (ص) على فاطمة فرآها منزعجة فقال: لها مالك أراك منزعجة فقالت أبتاه: إن الحميراء افتخرت على أمي بأنها لم تعرف رجلا قبلك وأمي عرفت وهي مسنة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تنزعجي فإن بطن أمك كانت وعاء للأمة دخل رسول الله (ص) يوما منزل عايشة فإذا هي مقبلة على فاطمة تصايحها وتقول يا بنت خديجة ما ترين إلا إن لامك فضلا عليها وأي فضل كان لها علينا بأمي إلا كبعضنا فسمع النبي (ص) مقالتها لفاطمة فلما رأت فاطمة رسول الله (ص) بكت فقال (ص): ما يبكيك يا بنتاه؟ قالت:
إن الحميراء ذكرت أمي فنقصتها فبكيت فغضب رسول الله (ص) وقال: يا حميراء إن الله