أمره إن يبعث زينب بنت رسول الله (ص) إلى المدينة، وبعث النبي (ص) زيد بن حارثة مع أبي العاص لجلب زينب فقدم لها بعيرا وأركبوها وخرجوا بها إلى المدينة نهارا يقاد بعيرها وهي في الهودج، وتحدث بذلك الرجال والنساء من قريش، وتلاوم بعضهم بعضا وقالوا: إن محمد قتل رجالنا في بدر وسبا ذرارينا، وتخرج أبنته من بين أيدينا نهارا هكذا، فخرجوا في طلبها مسرعين حتى أدركوها بذي طوى، فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود ونافع بن عبد القيس الفهري فروعها هبار بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملا، فلما رجعت إلى المدينة رأت دما وطرحت ما في بطنها فلذلك أباح رسول الله (ص) دم هبار يوم فتح مكة لأنه روع زينب. قال ابن أبي الحديد: فلما قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر فقال: إن كان رسول الله (ص) أباح دم هبار لأنه روع زينب فألقت بطنها فظاهر الحال إنه لو كان حيا لأباح دم من روع فاطمة عليها السلام حتى ألقت جنينها.
وهادر الدم من هبار ساعة إذ * بالرمح هودج من ينمى له قرعا ما كان يفعل لو شيلت هوادجها * قسرا على قتب صعب في الثرى ضلعا ومعها حموها كنانة بن الربيع فبرك وأخذ سهما ووضعه في كبد قوسه وقال:
احلف بالله لا يدنوا اليوم منها رجل إلا رميته بسهمي فجاء أبو سفيان بن حرب في جملة قريش وقالوا: أيها الرجل اكفف عنا بتلك حتى نكلمك فكف، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه، وقال: إنك لم تحسن ولم تصب خرجت بالمرأة على رؤس الناس علانية جهارا، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد أبيها فيظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهارا إن ذلك ذل أصابنا، وإن ذلك منا وهن وضعف لعمري ما لنا في حبسها عن أبيها من حاجة وما فيها من ثار ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدئت الأصوات وتحدث الناس بردها أذهب بها خفيا فألحقها بأبيها فردها كنانة إلى مكة فأقامت بها ليالي حتى إذا هدأت الأصوات عنها حملها على بعيرها وخرج بها ليلا حتى سلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقد ما بها على رسول الله (ص) فأقام أبو العاص بمكة على شركه، وأقامت زينب عند أبيها بالمدينة قد فرق الاسلام بينهما حتى إذا كان قبل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام بمال له وأموال لقريش بعثوا معه وكان رجلا مأمونا، فلما فرغ من تجارته وأقبل يريد مكة فلقيته سرية لرسول الله (ص) فأصابوا