وتركوك في ظلمة القبر وقد عصيتني لأجلهم أرحمك رحمة يتعجب منها الخلائق وانا أشفق عليك من الوالدة بولدها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خرجت الروح من بدن بني آدم فإذا مضت ثلاثة أيام تقول الروح: يا رب تأذن لي حتى أمشي وانظر إلى جسدي فأذن الله لها فتجئ إلى قبره وتنظر إلى الجسد من بعيد وقد سال الماء من جسده وفمه فتبكى بكاء طويلا ثم تقول:
يا حبيبي هل تذكر أيام حياتك! هذا المنزل الوحشة والبلاء والكربة والحزن والندامة ثم تمضى.
فإذا كانت خمسة أيام تقول: يا رب أتأذن لي حتى أتى وانظر إلى جسدي فيأذن الله لها فتأتي إلى جسده وقبره فتنظر من بعيد وقد سام لادم والقيح من منخره ومن فمه ومن اذنيه فتبكى بكاء ثم تقول: يا جسدي المسكين أتذكر أيام حياتك هذا المنزل والديدان والعقارب، وأكل الديدان لحمك، ومزقت جلدك، وتفرقت أعضائك ثم تمضى فإذا كان سبعة أيام فتقول: يا رب أتأذن لي حتى آتي وانظر إلى جسدي؟ فيأذن الله تعالى لها فتأتي إلى قبره وتنظر من بعيد وقد وقع الدود في الجسد فتبكى بكاء شديدا وتقول:
ايا صاحبيك، أتذكر أيام حياتك وأولادك وأقربائك وعزتك ودارك وعقارك؟ أين اخوتك وأصدقائك وجيرانك الذين يفرحون بك ويسرون بجوارك فأين هم حتى يبكوا على وعليك.
(وفيه) إذا مات المؤمن دارت روحه حول داره شهرا تنظر من خلفه من عياله وأوصى إليه كيف تؤدى عنه ديونه، وكيف يعمل بوصاياه، فإذا تم الشهر فتدور حول قبره وتنظر من يدعو له ومن يحزن عليه هذا شأنه إلى سنة كاملة فإذا تمت سنة رفعت روحه حيث تجتمع فيه الأرواح إلى يوم القيامة.
وفيه عن ابن عباس: إذا كان يوم العيد، أو يوم عاشوراء، أو يوم الجمعة الأول من شعبان، أو ليلة الجمعة الأولى من رجب، أو ليلة النصف من شعبان أو يوم الجمعة وليلته، تخرج الأموات من قبورهم فيقفون على أبواب بيوتهم ويقولون ارحموا علينا في هذا الليلة بصدقة أو لقمة فانا محتاجون إليكم فإن لم تقدروا بها فاذكرونا بركعتين في هذا الليلة المباركة هل من أحد يذكرنا؟ وهل من أحد يرحمنا؟ هل من أحد يذكرنا غربتنا؟ يا من سكن دارنا، ونكح نسائنا، ويا من أقام في أوسع قصورنا