لغسلني وكفني وواراني، ولو كانت زوجتي وأولادي عند لبكوا على وقالوا: اللهم اغفر لوالدنا الغريب الضعيف العاصي المطرود من بلد إلى بلد، ومن قرية إلى مغارة ثم خرج من الدنيا آيسا من كل الأشياء: اللهم يا رب إذا قطعت بي وفرقت بيني وبين والدي ووالدتي وزوجتي وأولادي فلا تقطعني يا رب، فأرسل الله إليه حوراء على صفة أمه، وحوراء على صفة زوجته وغلمانا على صفة أولاده، وملكا على صفة أبيه فبكوا عليه وجلسوا عنده فقال الشاب: هذا والدي ووالدتي حضروا عند فطاب قلبه وصار إلى ربه، فأوحى الله إلى موسى يا موسى إنه قد مات ولى من أوليائي في موضع كذا فأذهب إليه فغسله وكفنه وصل عليه وادفنه، فسار موسى " ع " إلى ذلك الموضع فرأى ذلك الشاب الذي أخرجه من المدينة ومن القرية بعينه فعرفه ثم رأى الحور العين يبكين عليه فقال: يا رب أليس هو ذلك الشاب الذي امرتني باخراجه من المدينة والقرية؟ فقال الله يا موسى هو ذلك الشاب انى رحمته وتجاوزت عنه بأنينه في مرضه، بفرقته عن وطنه وعن ولده ووالدته ووالده وزوجته، واعترافه بذنبه، وطلبه العفو منى والمغفرة فأرسلت إليه الحوراء على صفة أمه، وحوراء على صفة زوجته، وغلمانا على صفة أولاده وملكا على صفة والده وعفوت عنه وغفرت له لغربته وذله.
واعلم إنه يا موسى إذا مات الغريب بكت عليه ملائكة السماء وأهل الأرض رحمة له ولغربته فكيف لا ارحمه وهو غريب وانا أرحم الراحمين، فإذا مات انسان غريبا بكته السماوات وأهل الأرض ولو كان فاسقا، فيحق ان تمطر السماء دماء وتبكى البحار والأشجار والأنهار والوحوش والطيور والجن والانس والاملاك لقتل من هو فلذة كبد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلوه عطشانا غريبا وحيدا فريدا وأوطأوا صدره الشريف، الخ.
مقدمة في (مفتاح البكاء) عن (الكشكول) للبهائي قدس الله سره: ان رجلا من المنهمكين في الفساد مات في حوالي البصرة فلم تجد امرأته من يعينها إلى حمل جنازته لتنفر الطباع منه، فاستأجرت من حملها إلى المصلى فما صلى عليه أحد، فحملوه إلى الصحراء