فلما صار يوم الثاني رأى الحسين (ع) في منامه ولكن تلك الجراحات لم يجد لها أثرا فقال يا سيدي ما صارت جراحاتك؟ فقال: إن زواري أخذوا علي بالبكاء فبرئت تلك الجراحات لكنه بقي جراحتان في قلبي لما تندمل وهما لا من ضرب السيوف ولا من طعن الرماح بل ظهر أحدهما حين سقط ولدي عن ظهر جواده ونادى رافعا صوته أبتاه عليك مني السلام، والأخرى حين سقط العباس، ويظهر من الزيارة الواردة لعلي بن الحسين الأكبر في تحفة الزائر أن الحسين (ع) لم يزل قلبه مقروح في مصيبة ولده إلى يوم القيامة ومن جملة ما فيها ولا تسكن عليك من أبيك زفرة الخ الزيارة.
روى المفيد في (الارشاد) أن امرأتين تنازعتا على عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولد لها بغير بينة فالتبس الحكم في ذلك على عمر وفزع فيه إلى أمير المؤمنين (ع) فاستدعى المرأتين ووعظهما وخوفهما فأقامتا على التنازع والاختلاف فقال (ع): إيتوني بمنشار فقالت المرأتان: ما تصنع فقال: أقده نصفين لكل واحدة منكما نصفه فسكتت أحداهما وقالت الأخرى: الله يا أمير المؤمنين إن كان لابد من ذلك فقد سمحت به لها فقال (ع): الله أكبر هذا ابنك دونها، ولو كان ابنها لرقت وأشفقت فاعترفت المرأة الأخرى أن الحق مع صاحبها والولد لها فسر عمر، ودعا لأمير المؤمنين بما فرج عنه في القضاء.
هذا حال أم الولد حين سمعت بالمنشار وأن ولدها يقد نصفين اضطربت وانقلبت بمحض السماع فما حال ليلى حين نظرت إلى علي الأكبر مشقوق الرأس الخ.
مقدمة (معالم العين) أوحى الله إلى بعض الصالحين أن لي عبادا من عبيدي يحبوني وأحبهم ويشتاقون إلي واشتاق إليهم، ويذكروني وأذكرهم، فان اخذت طريقهم أحببتك وإن عدلت عنهم مقتك قال: يا رب وما علامتهم؟ قال: يراعون الضلال بالنهار كما يراعى الشفيق غنمه، ويحنون إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب فإذا جن الليل واختلط الظلام وفرشت الفرش ونصبت الأسرة وخلى كل حبيب بحبيبه نصبوا إلى اقدامهم، وافترشوا إلي وجوههم وناجوني بكلامي، وتعلقوا بانعامي ما بين صارخ وباك ومتأوه وشاك، وبين قائم وقاعد وراكع وساجد - يعني ما يتحملون