ذكره وامتد بها صوته، أرسله بحجة كافية وموعظة شافية ودعوة متلاقية، أظهر به الشرايع المجهولة، وقمع بها البدع المدخولة، وبين به الاحكام المفصولة فمن يبتغ غير الاسلام دينا تتحقق شقوته وتنفصم عروته، وتعظم كبوته، ويكن ما به إلى الحزن الطويل والعذاب الوبيل:
ألم تر إن الله أرسل عبده * ببرهانه والله أعلا وأمجد وشق له من اسمه ليحله * فذو العرش محمود وهذا محمد نبي أتانا بعد يأس وفترة * من الرسل والأوثان في الأرض تعبد تعاليت رب العرش من كل فاحش * فإياك نستهدي وإياك نعبد ولما بلغ عمره الشريف إلى سبع وثلاثين سنة كان يرى في نومه كأن آتيا يأتيه فيقول: يا رسول الله (ص) والنبي في غاية الخضوع والخشوع لله تعالى منكر ذلك في نفسه فلما طال عليه الامر كان يوما بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب فنظر إلى شخص كبير الجثة، عظيم الخلقة وهو يقول: يا رسول الله (ص) فقال له: من أنت؟ قال:
أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا، وكان جبرئيل يعلمه الشئ بعد الشئ حتى تم له أربعون سنة فنزل عليه جبرئيل في صورته الأصلية بين جبال مكة فقال (ص) من أنت يرحمك الله فلم أر شيئا أعظم منك خلقا وأحسن منك وجها قال: أنا روح الأمين المنزل على جميع النبيين والمرسلين أقرأ يا محمد قال: لست بقاري فغمزه جبرئيل غمزا شديدا وقال: أقرأ يا محمد قال: وما أقرأ ولست بقاري فغمزه مرة أخرى كاد النبي (ص) أن يغشى عليه، وقال: أقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) ثم قرأ عليه الآيات وبلغه جميع ما أمر الله به قال (ص): فحفظتها بأجمعها ووجدتها في قلبي كالنقش في الحجر، ثم عرج إلى السماء ونزل عليه يوم الثاني مع ميكائيل ومع كل واحد منهما سبعون الف ملك وأتى بكرسي من الياقوت قوائمه من الزبرجد الأخضر، والدر الأبيض والنبي (ص) على جبل بمكة نائم وعن جانبيه علي (ع) وجعفر فلم ينبهاه أعظاما له فقال ميكائيل: إلى أيهما بعثت؟ قال: إلى الأوسط فلما أنتبه أدى جبرئيل الرسالة عن الله ثم أخذ بيده وأجلسه على الكرسي ووضع تاجا على رأسه وأعطى لواء الحمد بيده وقال: أصعد وأحمد الله فصعد وحمد الله بما يستحق له فصعد جبرئيل إلى السماء ونزل النبي عن الكرسي وكان كل