ووعظهم فلم يرتدعوا وقالوا ليخرج إلينا علي بنفسه لنسمع كلامه عسى ان يزول ما بقلوبنا إذا سمعناه، فرجع ابن عباس واعلمه، فركب علي (ع) في جماعة ومضى إليهم فركب ابن الكوا في جماعة فوافقه فقال له علي (ع): يا بن الكوا الكلام كثير فأبرز إلي من أصحابك لأكلمك، قال ابن الكوا: وانا من سيفك آمن قال: نعم فخرج إليه في عشرة من أصحابه فقال له عن الحرب مع معاوية وذكر له رفع المصاحف على الرماح، وامر الحكمين فقال علي (ع): ألم أقل لكم إن أهل الشام يخدعونكم بها فان الحرب قد عفتهم فذروني أناجزهم، واردت ان انصب ابن عمي عبد الله بن عباس حكما فإنه رجل لا يخدع فأبيتم وجئتموني بأبي موسى وقلتم رضينا به حكما فأجبتكم كارها.
ولو وجدت أعوانا غيركم في ذلك لما أجبتكم، وشرطت على الحكمين بحضوركم أن يحكما بما انزل الله تعالى في كتابه من فاتحته إلى خاتمته والسنة الجامعة، وان هما يفعلا فلا طاعة لهما، على كان ذلك أم لم يكن؟ قال ابن الكوا: صدقت قد كان هذا كله فلم لا ترجع الان إلى حرب القوم فقال (ع): حتى تنقي المدة التي بيننا وبينهم فقال:
وأنت مجمع على ذلك؟ قال (ع): نعم ولا يسعني غيره فعاد ابن الكوا والعشرة الذين معه إلى أصحاب علي (ع) تائبين راجعين عن دين الخوارج، وانصرفوا مع علي (ع) إلى الكوفة هذا ما ذكره في شرح القصيدة وفيه ما فيه مما لا يخفى على البصير من حال ابن الكوا.
والحاصل، وتفرق الباقون وهم يقولون: لا حكم إلا لله، ثم إنهم أمروا عليهم عبد الله الراسي وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية وكان رجلا اسود منتن الريح له كثدي المرأة إذا مدت كانت بطول اليد الأخرى، وإذا تركت اجتمعت وتقلصت وصارت كثدي المرأة عليها شعرات مثل شوارب الهرة فعسكروا بالنهروان بلد من بغداد بأربع فراسخ، وقتلوا العبد الصالح عبد الله بن خباب - أو جناب - في عنقه مصحف ومعه امرأة وهي حامل وقالوا له: إن هذا الذي في عنقك يأمرنا بقتلك وقربوه إلى النهر وذبحوه، وسال دمه في النهر ودعوا بامرأته وبقروا عما في بطنها وخرج علي (ع) وسار حتى بقي على فرسخين منهم، وكاتبهم وراسلهم فلم يرتدعوا فأرسل إليهم عبد الله بن عباس وقال (ع): سلهم ما الذي نقموه مني وانا ورائك فلا تخف منهم، فلما جاءهم ابن عباس قال لهم: ما الذي نقمتم من أمير المؤمنين (ع)؟