الشام وأهل العراق وكفوا عن القتال وكتبت بينهما مقاضاة إلى شهر رمضان أو سنة كاملة فرجع علي (ع) إلى العراق واعتزلت عنه المعتزلة والخوارج، ورجع معاوية إلى الشام فلما قرب الموعد بعث علي (ع) أربعمائة فيهم: شريح بن ألهاني الحارثي ومعه عبد الله بن عباس يصلي بهم ومعهم أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس، وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة فالقوا بدومة الجندل وهو حصن عادي مسيرة عشرة أيام من دمشق وعشرة أيام من الكوفة وعشرة أيام عن المدينة وتسمى الجوف، ثم إنهم خلوا بين الحكمين فكان رأي عبد الله بن قيس في عبد الله بن عمر الخطاب وكان يقول:
عن الخلافة، فقال (ع): الله غالب على امره.
قال ابن أبي الحديد: إن عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري، لما التقيا بدومة الجندل اخذ عمرو في الخديعة يقدم أبا موسى في الكلام وكان يتكلم قبله وأعطاه التقدم في الصلاة، وفي الطعام لا يأكل حتى يأكل، وإذا خاطبه فإنما يخاطبه بأجل الأسماء ويقول له: يا صاحب رسول الله ويعظمه غاية التعظيم ويقول: إنك صحبت رسول الله (ص) قبلي وأنت أكبر مني سنا فتكلم أنت ثم أتكلم انا فجعل ذلك سنة وعادة بينهما اطمأن إليه أبو موسى وظن إنه لا يغشه وكل ذلك منه كان مكرا وخديعة واغترارا له بان يقدمه فيبدأ بخلع علي (ع)، ثم يرى رأيه.
فلما تمخضت الزبدة بينهما ووقت الألفة التامة، فقال له عمرو بن العاص:
اخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟ قال: أرى ان اخلع هذين الرجلين وتجعل الامر شورى بين المسلمين يختارون من يشاؤن، فقال عمرو: الرأي والله ما رأيت، قال أبو موسى وان شئت ولينا هذا الامر لطيب بن الطيب عبد الله بن عمرو، فقال له عمرو:
يا أبا موسى إن هذا الامر لا يصلح له إلا رجل له ضرس يأكل اللحم ويطعم وان عبد الله ليس هناك وان كنت إنما تريد أن تبايع ابن عمرو لدينه فما يمنعك من ابني عبد الله وأنت تعرف فضله وصلاحه فقال أبو موسى: إن ابنك لرجل صدق ولكنه قد غمسته في هذه الفتنة، فقال عمرو: الرأي ان تجعله شورى بين المسلمين، فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ان رأيي ورأي عمرو ابن العاص قد اتفق على أمر ونرجو أن يصلح الله به شأن هذه الأمة، فقال عمرو: