إنك لست من أهل القرآن، ولا حكمه تريد، والله المستعان فقد أجبنا القرآن إلى حكمه ولسنا إياك أجبنا، ومن لم يرض بحكم القرآن فقد ضل ضلالا بعيدا.
قال: وجاء الأشعث بن قيس إلى علي (ع) فقال: يا أمير المؤمنين فان شئت اتيت معاوية فسألته ما يريد ونظرت ما الذي يسأل قال: آتيه ان شئت، فأتاه فسأل معاوية لأي شئ رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع ونحن وأنتم إلى أمر الله به فيها فابعثوا رجلا منكم ترضون به، ونبعث رجلا ونأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله ولا يعدلا عنه ثم نتبع ما اتفقا عليه، وقال الأشعث: هذا هو الحق وانصرف إلى علي (ع) فخبره. قال أهل الشام: نبعث حكما من أهلها، وقال أهل العراق، نبعث حكما من أهلها.
قال معاوية ومن معه: إنا قد رضينا واخترنا عمرو بن العاص.
فقال أمير المؤمنين (ع): إن كان ولا بد من ذلك فعليكم بعبد الله بن عباس، فأبى الأشعث بن قيس والقراء الذين معه الذين صاروا خوارج من بعد ذلك، قالوا: والله ما نبالي كنت أنت أو ابن عباس، ولا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء ليس إلى أحد منكما أدنى من الاخر، وقد رضينا واخترنا أبا موسى الأشعري! فقال علي (ع) فاني لا ارضى بأبي موسى ولا أرى اوليه، وقد فارقني وخذل الناس عني وهرب مني فإن لم ترضون بعبد الله بن عباس فاني اجعل الأشتر، فقال الأشعث: وهل سعر الأرض علينا إلا الأشتر، وهل نحن إلا في حكم الأشتر، قال (ع): وما حكمه؟ قال حكمه أن يضرب بعضنا بعضا بالسيف حتى يكون ما أردت وما أراد، فقال علي (ع):
فاني أخاف أن ينخدع أبو موسى، فان عمرو بن العاص ليس من الله في شئ إذا كان له في أمر هوى فعليكم بعبد الله بن عباس فان عمر لا يعقد عقدا إلا حله عبد الله، ولا يحل عقدة إلا عقدها، ولا يبرم أمرا إلا نقضه، ولا ينقض أمرا إلا أبرمه، وان معاوية لم يكن ليضع لهذا الامر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص فعليكم أنتم بعبد الله بن عباس، فقال الأشعث: والله لا يحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعة ولا نقبل إلا أبا موسى، فقال (ع): قد أبيتم، إلا أبا موسى؟: قالوا نعم.
قال (ع): فاصنعوا ما شئتم، فبعثوا إلى أبي موسى وهو بأرض من أراضي الشام يقال له عرض فجاء حتى دخل عسكر علي (ع) وجاء الأحنف بن قيس إلى