ما ذكرت ذلك منه قط كأني أجد ريح نفسه، فاخذ الراية من يدي وحمل على أصحاب الجمل يزئر زئير الأسد وقتل ورجع ثم عاد وقتل ورجع حتى حمل ثلاث حملات، وخرج من ناحية القوم وقد انحنى سيفه فاقامه بركبته، وأعظم من ذلك يوم صفين وعد معاوية في هذا اليوم الأحمر مولى أبي سفيان وكان شجاعا وحثه معاوية على قتل الأشتر فقال الأحمر: بل اقتل عليا قال معاوية: مهلا يا احمر لا تبارز عليا فقال: لا يقتل عليا غيري.
وبرز الأحمر ونادى أين علي بن أبي طالب فنزل إليه قران مولى رسول الله (ص) فقال له الأحمر: من أنت؟ فإني لا أقاتل إلا أشجعكم فقال: انا شقران مولى رسول الله (ص) فحمل عليه الأحمر وقتله ونادى ليبرز إلي علي بن أبي طالب لينظر حملتي وضربتي فصاحوا عليه وقالوا تنح أيها الكلب فما أنت بكفو علي، قال الأحمر: والله لا انصرف إلا برأس علي أو أموت دونه فبرز إليه أمير المؤمنين (ع) وحمل اللعين بسيفه ليضربه فمد يده (ع) إلى جيب درعه فجذبه عن فرسه وحمله على عاتقه قال الراوي: والله لكأني انظر إلى رجلي الأحمر يختلفان على عنق علي (ع) ثم ضرب به الأرض فكسر به منكبه وظهره وعضديه فحطمه حطما وأهلكه.
في (شرح القصيدة) عن (مناقب الخوارزمي) روي: ان حريثا مولى معاوية كان شجاعا بطلا يعده معاوية لكل شدة وكان يركب فرس معاوية ويلبس لباسه وسلاحه فيظن الناس إنه معاوية وكان يتمنى مبارزة أمير المؤمنين (ع) وكان معاوية ينهاه عن مبارزته حبا له وقال في اليوم الثالث من حرب صفين لمعاوية ان انا اقتل عليا تقلدني الطبرية؟ قال معاوية: لا تبارز عليا وعليك بالأشتر فان أنت قتلته فقد كفيت فان لي نابين أحدهما أنت والاخر عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ان فجعت بك لم أجد بديلا منك فجانب عليا، فسمع ذلك عمرو بن العاص فخلا بحريث وقال له: أنت لو كنت قرشيا ما نهاك معاوية عن مبارزة علي ولا حب أن تقتل عليا وتريحه منه ولكن كره أن يقتل ابن عمه مولاه فإن وجدت فرصة فاقتله فإن حظها لك.
فلما خرج علي (ع) إلى القتال برز له حريث فحمل عليه لأمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول: انا علي وابن عبد المطلب * إثبت له يا أيها الكلب الكلب