وهو بالغ، ولم يفارقه سفرا وحضرا حتى مات.. وهو مكثر سماعا وشيوخا، ولم يكن الزين يعتمد في شئ من أموره إلا عليه، حتى أنه أرسله مع ولده الولي لما ارتحل بنفسه إلى دمشق، وزوجه ابنته خديجة ورزق منها عدة أولاد.
وكتب الكثير من تصانيف الشيخ، بل قرأ عليه أكثرها، وتخرج به في الحديث، بل دربه في أفراد زوائد كتب كالمعاجم الثلاثة للطبراني والمسانيد وأحمد والبزار وأبي يعلى على الكتب الستة. وابتدأ أولا بزوائد أحمد فجاء في مجلدين، وكل واحد من الخمسة الباقية في تصنيف مستقل إلا الطبراني الأوسط والصغير منهما في تصنيف، ثم جمع الجميع في كتاب واحد محذوف الأسانيد سماه (مجمع الزوائد). وكذا أفرد زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين، ورتب أحاديث الحلية لأبي نعيم على الأبواب، ومات عنه مسودة فبيضه وأكمله شيخنا في مجلدين، وأحاديث الغيلانيات والخلقيات وفوائد أبي تمام والأفراد للدار قطني أيضا على الأبواب في مجلدين. ورتب كلا من ثقات ابن حبان والعجلي على الحروف...
وكان عجبا في الدين والتقوى والزهد والاقبال على العلم والعبادة والأوراد، وخدمة الشيخ وعدم مخالطة الناس في شئ من الأمور، والمحبة في الحديث وأهله، وحدث بالكثير رفيقا للزين، بل قل أن حدث الزين بشئ إلا وهو معه، وكذلك قل أن حدث هو بمفرده، لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه، ومع ذلك فلم يغير حاله ولا تصدر وتمشيخ...
وقد ترجمه ابن خطيب الناصرية في ذيل تاريخ حلب، والتقي الفاسي في ذيل التقييد، وشيخنا في معجمه وأنبائه ومشيخة البرهان الحلبي، والغرس خليل الأقفهسي في معجم ابن ظهيرة، والتقي ابن فهد في معجمه وذيل الحفاظ وخلق كالمقريزي في عقوده.