يحتج بكتب أهل السنة، ويستدل بأقوال كبار حفاظهم ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم والفنون، وسنشير إلى هذه الجهة باختصار عن قريب.
لكن القوم ما التزموا بهذه القاعدة، فإن ادعوا الالتزام بها لم يعملوا بها..
وقد نبه صاحب العبقات رحمه الله على مواضع كثيرة خالف فيها الدهلوي هذه القاعدة المقررة، فتراه يتمسك بحديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ " في مقابلة حديث الثقلين، فيجيب السيد عنه قبل كل شئ بأن هذا الحديث مما تفرد به أهل السنة، وأن الاحتجاج به ينافي الالتزام بالقاعدة.
ومن قواعد البحث: أن يقال بالحق ويعترف بالحقيقة في كلا مقامي الاحتجاج والرد على السواء.
وكذلك فعل صاحب العبقات، فإنه كما يسند الحديث الذي يريد الاحتجاج به إلى مخرجيه من أعلام أهل السنة، كذلك يسند الحديث الذي يحتج به الخصم إلى مخرجيه وإن كانوا كثرة، فلا يكتم الحقيقة، ولا يكتفي بالإسناد والنقل عن واحد أو اثنين ليقلل من شأن الحديث، بل يعترف بالواقع، وينقله عمن رواه بجميع أسانيده وطرقه، ثم يجيب عنه نقضا وحلا.
فهو حيث يريد الجواب عن تمسك الدهلوي بما رووه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " في مقابلة حديث الطائر: " اللهم ائتني بأحب خلقك.. " لا ينكر أن هذا الحديث يرويه أهل السنة عن خمسة من الصحابة، بل لا يسكت عن ذلك، بل يعترف بروايتهم إياه عنهم وهم: حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر.. ثم ينقل نصوص أحاديثهم عن أهم مصادرهم كالمصنف لابن أبي شيبة، والمسند لأحمد، وصحيح الترمذي، والمستدرك للحاكم. ثم يشرع في إبطال الحديث المذكور سندا ومتنا بوجوه كثيرة جدا.