ينير الدرب للأجيال، ويوقفهم على ما يقوله الطرفان، فيستمعون إليه وينظرون فيه فيتبعون أحسنه..
وكذلك فعل علماء الشيعة في بحوثهم.. وصاحب العبقات.. فإنه يصدر بحثه بعد خطبة الكتاب بنص عبارة الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية، فينقلها كاملة غير منقوصة ولا مبتورة، بل يتعرض لما أضافه الدهلوي في هامش كلامه من نفسه أو نقلا عن غيره، من دليل وحجة، أو توضيح وبيان..
ثم يأخذ رحمه الله في إبطاله وتفنيده، بالأساليب المختلفة، من نقض أو معارضة أو جواب حلي..
لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة.. فترى الدهلوي يريد الجواب عن الاستدلال بحديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " لا يتطرق إلى وجه استدلال الشيعة بهذا الحديث أصلا. وفي حديث النور: " خلقت أنا وعلي من نور واحد " يقول: " لا دلالة لهذا الحديث على ما يدعيه الإمامية " ولكن أين وجه الاستدلال به على ما يدعونه؟ ويقول بالنسبة إلى حديث السفينة: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق " يقول: " لا يدل إلا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلف عن حبهم موجب للهلاك ".. فهذا صحيح.. ولكن كيف يستدل به الشيعة على الإمامة والخلافة؟
ومن قواعد البحث: أن يحتج المخاصم بما يرويه خصمه ويراه حجة، لا بما يرويه هو ويعتمد عليه.
وهذا مما التزم به صاحب العبقات وطبقه في بحوثه - كما عليه سائر علمائنا الذين كتبوا في الاحتجاج على أهل السنة - فهو في مقام الاستدلال في كل باب