بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٥ - الصفحة ١٨٠
الثالث الشك بين الاثنتين والأربع: والمشهور بين الأصحاب فيه أيضا أنه يبني على الأكثر ويسلم، ويحتاط بركعتين قائما، وربما نقل عن الصدوق التخيير بينه وبين البناء على الأقل والإعادة ونقل في المختلف عن الصدوق أنه قال: يعيد مع أن الفاضلين نقلا الاجماع على عدم الإعادة في صورة تعلق الشك بالأخيرتين والأشهر أقوى، وقد دلت عليه أخبار خاصة وعامة قد مر بعضها.
ويدل على البناء على الأقل أخبار:
منها ما رواه الشيخ (1) والكليني (2) بسندين أحدهما حسن بإبراهيم بن هاشم، والآخر صحيح على المشهور وإن كان فيه كلام (3) عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: من لم يدر في أربع هو أو ثنتين وقد أحرز الثنتين قال:
يركع ركعتين وأربع سجدات (4) وهو قائم بفاتحة الكتاب، ويتشهد ولا شئ عليه وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى، ولا شئ عليه، ولا ينقض اليقين (5) بالشك ولا يدخل الشك في اليقين ولا يخلط أحدهما

(١) التهذيب ج ١ ص ١٨٨.
(٢) الكافي ج ٣ ص ٣٥٢ - ٣٥١.
(٣) لاسناد الكليني عن محمد بن إسماعيل، قال ابن داود في رجاله: وأما إذا وردت رواية عن محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل بلا واسطة ففي صحتها قول، لأن في لقائه له - يعنى إسماعيل بن بزيع - اشكالا، فيقف الرواية لجهالة الواسطة بينهما، وان كانا مرضيين معظمين. راجع في ذلك كتب الرجال وقد استوعب فيه الكلام الأردبيلي في رجاله ذيل عنوانه لمحمد بن إسماعيل بن بزيع.
(٤) يعنى بعد التسليم، وإنما لم يصرح به اعتمادا على ما هو المعهود بين الشيعة من الركعات الاحتياطية بتكبير وتسليم على حدة منفصلة، كما مر آنفا عند عنوان المؤلف العلامة ذيل الحديث في الفرع الثاني، وإذا جاء الاحتمال لم يصح الاستناد إلى اطلاق الحديث.
(٥) مراده عليه السلام بذلك قاعدة الاشتغال، واليقين هو اليقين بأن المصلى يجب عليه أن يصلى أربعا ولا يزيد جمع صلواته على السبع عشرة، ونقض هذا اليقين (وقد عبر عنه الفقهاء رضوان الله عليهم بالبراءة فقالوا: الاشتغال اليقيني لا يرتفع الا بالبراءة اليقينية) إنما يجب بيقين آخر بأن يبنى على الأكثر ويسلم ويأتي بما نقص احتمالا بصورة منفصلة (فإنها كانت مسنونة دخلت في الفرض بسنة النبي، وصارت خارجها في مورد الاضطرار بسنة النبي صلى الله عليه وآله على مر وسيجئ) وأما وأما إذا نقضه بالشك بأن يبنى على الأقل، لم يزل صلاته مشكوكة بين الأربع والخمس، فمع أنه يحتمل كون صلاته خمسا لا أربعا كيف يجوز له أن ينقض الواجب، وهو الصلاة أربعا باحتمال الامتثال.
فمعنى قوله عليه السلام " ولا يدخل الشك باليقين ولا يخلط أحدهما بالاخر " أنه لا يدخل الركعة المشكوكة في الركعات المتيقنة ولا يخلطهما، بل يفصل بينهما حتى يخرج الركعة المشكوكة عن صلاته، فتكون نافلة لا يضر بركعات الفرض، ان كانت زائدة، وتكون من تمام صلاته المفروض لا يضره انفصالها، ان كانت صلاته ناقصة.
وقوله عليه السلام " ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين ويبنى عليه " معناه أنه يهدم شكه العارض في ركعات صلاته باليقين القطعي والبراءة اليقينية ويتم صلاته على هذا اليقين من صحة ركعاته بالبناء على الأكثر لا بالشك الذي لا يزول مع البناء على الأقل أبدا.
وقوله " ولا يعتد بالشك في حال من الحالات " أي لا يعتد بالشك عند امتثال الأوامر بأن يبرء من الاشتغال اليقيني بالبراءة المشكوكة، ولو كان مراده عليه السلام بالشك الشك في الركعات لم يكن لهذا الكلام معنى أبدا.
على أنه لو كان مراده عليه السلام قاعدة الاستصحاب كما ذهب إليه المتأخرون من فقهائنا، بالبناء على الأقل، لكان المسألة واضحة لا يحتاج إلى تكرار هذه الجملات وتأييده وتثبيته بعبارات يشبه بعضها بعضا من حيث المفاد، ولكان على الفقهاء أن يفتوا بذلك كما أفتى بذلك علماء الجمهور، وقد مر في ص 175 ما يؤيد ذلك وسيأتي ما ينص عليه.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب الأول * فضل الجماعة وعللها، وفيه: آية، و: أحاديث 1
3 معنى قوله تعالى: " واركعوا مع الراكعين "، ومن مشى إلى مسجد، وأول جماعة 2
4 فيمن أم قوما باذنهم 8
5 معنى المروة، والعلة التي من أجلها جعلت الجماعة 11
6 ثواب صلاة الجماعة 14
7 في تسوية الصف، وأفضل الصفوف 20
8 * الباب الثاني * احكام الجماعة، وفيه: آيتان، و: أحاديث 21
9 معنى قوله عز وجل: " وإذا قرء القرآن فاستمعوا له وانصتوا "... 21
10 ثلاثة لا يصلى خلفهم: المجهول، والغالي، والمجاهر بالفسق... 23
11 في المروة، وأن العدالة إذا زالت فتعود بالتوبة 30
12 في عدالة الشاهد 34
13 في تحقق الجماعة 43
14 البحث في سقوط القراءة عن المأموم 48
15 القول في مقدار العلو المانع 52
16 صلاة المسافر، والبحث في درك الامام 57
17 في إمامة: ولد الزنا، والمرتد، والأعرابي بعد الهجرة، وشارب الخمر... 59
18 فيمن يقدم للإمامة 62
19 في التباعد بين الإمام والمأموم 70
20 حكم المأموم في الصلاة الجهرية والاخفائية 83
21 في كراهة الإمامة بغير رداء 91
22 في صفوف الجماعة وكيفيتها، وسووا صفوفكم 99
23 في إمامة الأعمى والمريض 115
24 في إعادة المنفرد صلاته جماعة إماما كان أو مأموما 123
25 * الباب الثالث * حكم النساء في الصلاة 125
26 في جواز إمامة المرأة للنساء 126
27 * الباب الرابع * وقت ما يجبر الطفل على الصلاة وجواز ايقاظ الناس لها 131
28 في قول علي عليه السلام: علموا صبيانكم الصلاة... إذا بلغوا ثمان سنين 131
29 في جواز أيقاظ الناس للصلاة 134
30 * الباب الخامس * أحكام الشك والسهو 136
31 في قول الباقر عليه السلام: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة... 136
32 فيمن نسي سجدة واحدة، والأقوال فيها 144
33 في سجدتي السهو 147
34 فيمن نسي التشهد 152
35 فيمن شك في الاذان ودخل في الإقامة، والأقوال في قاعدة التجاوز 157
36 في السهو في الركعتين الأولين، والشك في قراءة الفاتحة، والركوع 158
37 لا يكون السهو في خمس 165
38 الشك في الركعات والاخبار والأقوال فيه 169
39 بيان وتفصيل في الشك بين الاثنتين والثلاث، وفي الذيل ما يناسب 171
40 الأقوال في الشك بين الثلاث والأربع، وفي الذيل ما يتعلق به 176
41 في الشك بين الاثنتين والأربع وما قيل فيه 180
42 الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع 184
43 في إكمال السجدتين وتحققهما 186
44 في التكبير 191
45 فيمن زاد في الصلاة ركعة 200
46 في الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين 205
47 معنى الشك والظن وحكم الشكوك 210
48 في سجدتي السهو والأقوال فيه 227
49 في شك الإمام والمأموم 240
50 في سهو الإمام والمأموم 249
51 في بيان ما يستنبط من الاحكام من قوله عليه السلام: ولا على السهو سهو 257
52 فيما يستنبط من الاحكام من قوله عليه السلام: ولا على الإعادة إعادة 270
53 في السهو والشك الموجب للحكم 276
54 في بيان الحكم المترتب على كثرة الشك أو السهو 278
55 في بيان حد كثرة السهو 281
56 * أبواب * * ما يحصل من الأنواع للصلوات اليومية بحسب ما يعرض لها * * من خصوص الأحوال والأزمان وأحكامها وآدابها * * وما يتبعها من النوافل والسنن وفيها أنواع من الأبواب * * " أبواب القضاء " * * الباب الأول * أحكام قضاء الصلوات، وفيه: آيتان، و: أحاديث 286
57 تفسير الآيات ومعنى قوله تعالى: " أقم الصلاة لذكري "... 288
58 فيمن نسي صلاة من الصلوات الخمس ولا يدري أيتها هي، وترجمة وتوثيق علي بن أسباط 294
59 في أن المغمى عليه يقضي جميع ما فاته من الصلوات 296
60 حكم النائم، ومن شرب المسكر 298
61 فيمن أجنب في رمضان فنسي أن يغتسل 301
62 * الباب الثاني * القضاء عن الميت والصلاة له وتشريك الغير في ثواب الصلاة 304
63 فيما يلحق بالرجل بعد موته، والرجل كان بارا أو عاقا لوالديه... 304
64 الأقوال في وجوب القضاء على الولي 305
65 فيما يدخل على الميت في قبره 311
66 في الاستيجار 317
67 في الصلوات والاعمال التي يؤتى بها للميت، وفي الذيل ما يتعلق 318
68 * الباب الثالث * تقديم الفوائت على الحواضر والترتيب بين الصلوات 322
69 بحث وأقوال في تقديم الفائتة 322
70 ترجمة السيد ابن الطاووس قدس سره 327(ه‍)
71 فيمن نام ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي، وترجمة: ورام، والرؤيا 331