بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٥ - الصفحة ٢٨٦
(أبواب) * (ما يحصل من الأنواع للصلوات اليومية بحسب) * * (ما يعرض لها من خصوص الأحوال) * * (والأزمان وأحكامها وآدابها وما يتبعها) * * (من النوافل والسنن وفيها أنواع) * * (من الأبواب) * (أبواب القضاء) 1 {باب} (أحكام قضاء الصلوات) الآيات: طه: فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى (1).
الفرقان: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد

(١) طه: ١٤، والظاهر من لفظ الآية الكريمة أن اللام في " لذكرى " ظرفية بمعنى " عند " كما في قوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس " الآية، فالمراد بالذكر هو الذكر عن نسيان، ليصح معنى التوقيت، ولو كان المراد بالذكر ما يشمل الذكر عن إدامة الحفظ، كما قيل سواء كان ذكرا باللسان أو بالقلب، لوجب عليه إقامة الصلاة متواترا في كل حين، وهو خلاف ظاهر الآية الكريمة من التوقيت بوقت معين، كما هو كذلك في كل شرع.
وأما معنى الصلاة، فقد كانت عند بني إسرائيل معهودة بهيئتها وأركانها واشتمالها على ذكر الله عز وجل بالتوجه والدعاء والتضرع إليه والإنابة له، من لدن أن قال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: " رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء "، فمن المسلم أن موسى بن عمران عليه السلام - قبل أن يوحى إليه هذا الوحي - كان يصلى لله عز وجل ويعبده على الوجه المقرر في شريعة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وخاصة بعد ما بلغ أشده وآتاه الله الحكم والعلم، ولذلك لم يتكفل الوحي لبيان معنى الصلاة له وشرح أذكارها وأركانها، وإنما بين له عليه السلام ما كان يهمه ويخصه من وقت الصلاة مدى اشتغاله بابلاغ الرسالة إلى فرعون وملائه فوقت له إقامة الصلاة كلما تنبه لذكر الله عز وجل ولا يكون ذلك الا بعد ذهول وغفلة ونسيان كعند قيامه من النوم أو الفراغ من المشاغل التي ينسى ويمحو ذكر الله عز وجل عن القلب.
وهذا الذي وصى الله عز وجل به موسى بن عمران، يجب علينا العمل به في ظرفه بعد ملاحظة شرع نبينا المطهر، لقوله عز وجل: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " الشورى: 12.
فبحكم الآية الكريمة شرع الله عز وجل لنا ما أوحى إلى نبينا المكرم من أوقات الصلوات الخمسة كما أنه شرع لنا من أحكام الدين ما وصى به الأنبياء الأربعة أولى العزم خصوصا فشرف تلك الأمة المرحومة بالشرافة التي كان خص بها أولى العزم من الرسل ليشملهم بذلك رحمته ورضوانه.
فمن ذلك الصلاة والزكاة كما قال الله عز وجل حاكيا عن عيسى بن مريم عليهما السلام " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " مريم: 31، ومن ذلك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر بتبليغ أمر الله عز وجل ونشر دينه وعدم التفرق فيه كما عرفت من قوله تعالى: " أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " الآية. ومن ذلك إقامة الصلاة حين تذكرها بعد النسيان والذهول عنها في أوقاتها المعلومة في شرعنا، لقوله عز وجل لموسى (ع) " انني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى ".
فعلى هذا يجب على من فاتته احدى الصلوات اليومية في وقتها المعين في شرعنا بالفرض أو السنة، أن يصليها حين تذكرها وتبدل نسيانها إلى الذكر، بحيث وأما إذا أهملها بعد ذكرانها حتى نسيها مرة أخرى فقد عصى باهماله بحكم الآية الكريمة، وسيمر عليك في تضاعيف الاخبار ما ينص على ذلك انشاء الله.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست