بسم الله الرحمن الرحيم (باب) * (فصل الجماعة وعللها) * الآيات: البقرة: واركعوا مع الراكعين (1).
(١) البقرة: ٤٣، والآية الكريمة وان كانت في سياق الخطاب مع اليهود، لكن الله عز وجل إنما يدعوهم في هذه الآيات أولا إلى ما كان فرضا عليهم بالخصوص من الايمان بالقرآن فقال: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به، ثم نهاهم عما كانوا يفعلون من تلبيس الحق بالباطل فقال: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق و أنتم تعلمون، ثم بعد ذلك وثانيا، أمرهم ودعاهم إلى ما كان أوجبه وأراده من كل مؤمن بالقرآن والرسول، وهو إقامة الصلاة وايتاء الزكاة والركوع مع الراكعين بالاجتماع كما كان يمتثله المسلمون حينذاك.
فالآية الكريمة إنما تدعو اليهود إلى دين الاسلام، ويشير إلى أن من مهام دين الاسلام الصلاة بالاجتماع جماعة، لا أنها تدعوهم إلى شئ هو زائد على دين الاسلام يخص بهم، حتى يقال: إن القرآن الكريم لم يذكر الاجتماع في الركوع الا في هذه الآية، وهي تخاطب اليهود لا المسلمين.
وأما قوله عز وجل: " واركعوا مع الراكعين " فقد عرفت في ج ٨٥ ص ٩٧ أن المراد به الاجتماع في الصلاة وإقامتها جماعة، ويرشدنا إلى أن ملاك ادراك الجماعة الركوع، وتوضيحه أن هذه الجملة من المتشابهات بأم الكتاب يشبه أن يكون أمره بالركوع مع الراكعين حكما على حدة في قبال الصلاة والزكاة، وليس كذلك، ولذلك أوله النبي إلى ركوع الصلاة فكانت الصلاة بالجماعة سنة من تركها رغبة عنها فقد عصى على حد سائر السنن التي ذكرت في القرآنالعزيز بصورة المتشابهات وسيمر عليك في طي الباب أحاديث تنص على ذلك انشاء الله تعالى.