أي يحكيه بعد البرء للشكر والتحدث بنعمة الله، فالاستثناء منقطع، أو أطلقت الشكاية عليها على المشاكلة، وقيل أي كان يكتم مرضه عن إخوانه لئلا يتجشموا زيارته.
" ولا يستشير " في المصباح شاورته في كذا واستشرته راجعته لأرى رأيه فيه، فأشار علي بكذا: أراني ما عنده فيه من المصلحة، فكانت إشارته حسنة والاسم المشورة، وفيه لغتان سكون الشين وفتح الواو، والثانية ضم الشين وسكون الواو وزان معونة، ويقال: هي من شار الدابة إذا عرضه في المشوار، ويقال: من أشرت العسل شبه حسن النصيحة بشري العسل " إلا من يرجو عنده النصيحة " أي خلوص الرأي، وعدم الغش وكمال الفهم.
" كان لا يتبرم " كأن إعادة تلك الخصال مع ذكرها سابقا للتأكيد وشدة الاهتمام بترك تلك الخصال، أو المراد بها في الأول تشهي الدنيا والتسخط من فقدها، والتبرم بمصائب الدنيا، والشكاية عن الوجع، والمراد هنا التبرم من كثرة سؤال الناس وسوء أخلاقهم والتسخط بما يصل إليه منهم، وتشهي ملاذ الدنيا والتشكي عن أحوال الدهر، أو عن الاخوان، والشكاية والتشكي والاشتكاء بمعنى ويمكن الفرق بأمور اخر يظهر بالتأمل فيما ذكرنا.
" ولا ينتقم " أي من العدو حتى ينتقم الله له كما مر " ولا يغفل عن العدو " أي الأعداء الظاهرة والباطنة كالشيطان والنفس والهوى.
" فعليكم بمثل هذه الأخلاق " في النهج " فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير " أقول: لما كان الغرض من ذكر صفات الأخ أن يقتدي السامعون به في الفضائل المذكورة، أمرهم عليه السلام بلزومها والتنافس فيها، أو في بعضها إن لم يمكن الكل.
قوله عليه السلام " من ترك الكثير " أي الكل.
وأقول: في رواية النهج ترك بعض تلك الخصال وفيها زيادة أيضا وهي قوله " وكان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، وكان على ما يسمع أحرص منه