والناحية، ومن الطائر جناحه، وفي النهاية فيه ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل، وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم، والأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم، ولا يتأذى انتهى.
وأقول: في بالي أن في بعض الأخبار أكتافا بالتاء أي أنهم لشدة تذللهم كأنه يركب الناس أكتافهم ولا يتأذون بذلك " لاخوانه في دينه " أي تكون اخوته بسبب الدين لا بسبب النسب " على الحق " أي على المشقة والأذية اللتين تلحقانه بسبب اختيار الحق أو قول الحق " في الرضا " أي عن أحد " والغضب " أي في الغضب له.
29 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله فما أرى أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا قد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب، ورجاء للثواب (1).
بيان: " شعثا غبرا " إما لفقرهم فالمدح للصبر على الفقر، أو لتركهم زينة الدنيا ولذاتها على ما ذكره الأكثر فينبغي التقييد بعدم القدرة، أو التخصيص ببعض الافراد، أو لتقشف العبادة، وقيام الليل، وصوم النهار، وهجر الملاذ فالغبرة كناية عن صفرة اللون، والسجد جمع ساجد كالقيام جمع قائم أو القيام مصدر أجري مجراه، والتخصيص بالليل لكون العبادة فيه أحمز وأبعد عن الرئاء والمراوحة بين الجبهة والخد وضع كل على الأرض حتى يستريح الاخر، أو كأنه يستريح وليس الغرض الاستراحة، وذلك في سجدة الشكر وإن كان وضع الجبهة شاملا لسجود الصلاة، والجمر بالفتح جمع جمرة، وهي النار المتقدة، ووقوفهم