وجبل ضد الرضا، وقد سخط كفرح وتسخط وأسخطه أغضبه، وتسخطه تكرهه وعطاءه استقله ولم يقع منه موقعا (1) " ولا يتبرم " أي لا يمل ولا يسأم من حوائج الخلق، وكثرة سؤالهم، وسوء معاشرتهم، في القاموس البرم السأمة والضجر وأبرمه فبرم كفرح وتبرم امله فمل.
" كان أكثر دهره " أي عمره و " أكثر " منصوب على الظرفية " صماتا " بفتح الصاد وتشديد الميم وقرئ بضم الصاد وتخفيف الميم، مصدرا فالحمل على المبالغة وفي النهج " صامتا فان قال بذ القائلين، ونقع غليل السائلين " قال في النهاية:
في الحديث بذ القائلين أي سبقهم وغلبهم يبذهم بذ انتهى، ونقع الماء العطش أي سكنه والغليل حرارة العطش، ويمكن أن يكون البذ بالفصاحة والنقع بالعلم والجواب الشافي.
" كان لا يدخل في مراء " أي مجادلة في العلوم للغلبة وإظهار الكمال، قال في المصباح: ماريته أماريه مماراة ومراء جادلته، ويقال: ماريته أيضا إذا طعنت في قوله تزييفا للقول، وتصغيرا للقائل، ولا يكون المراء إلا اعتراضا " ولا يشارك في دعوى " أي في دعوى غيره لإعانته أو وكالة عنه.
" ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا " في المصباح أدلى بحجته أثبتها فوصل بها وفي القاموس أدلى بحجته أحضرها، وإليه بماله دفعه، ومنه " وتدلوا بها إلى الحكام " (2).
أقول: وفي النهج " حتى يأتي قاضيا " وهذه الفقرة أيضا يحتمل وجوها:
الأول ما ذكره بعض شراح النهج أي لا يدلي بحجته حتى يجد قاضيا، و هو من فضيلة العدل في وضع الأشياء مواضعها انتهى.
وأقول: المعنى أنه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبث الشكوى عند الناس، كما هو دأب أكثر الخلق، بل يصبر إلى أن يجد حاكما يحكم بينه وبين