وقال في النهاية: فيه لا سياحة في الاسلام، يقال: ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها، وأصله من السيح، وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض، أراد مفارقة الأمصار، وسكنى البراري، وترك شهود الجمعة والجماعات، وقيل: أراد الذين يسيحون في الأرض بالشر والنميمة والافساد بين الناس، ومن الأول الحديث سياحة هذه الأمة الصيام، قيل للصائم سائح لان الذي يسيح في الأرض متعبدا، يسيح ولا زاد معه ولا ماء، فحين يجد يطعم والصائم يمضى نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئا فشبه به انتهى.
قوله عليه السلام: " أحل فيها الطيبات " (1) إشارة إلى قوله تعالى في الأعراف " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " الآية قال الطبرسي قدس سره: " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " معناه يبيح لهم المستلذات الحسنة، ويحرم عليهم القبائح، وما تعافه الأنفس، وقيل: يحل لهم ما اكتسبوه من وجه طيب، و يحرم عليهم ما اكتسبوه من وجه خبيث، وقيل يحل لهم ما حرمه عليهم رهابينهم وأحبارهم، وما كان يحرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب وغيرها ويحرم عليهم الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذكر معها " ويضع عنهم إصرهم " أي ثقلهم شبه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل، وذلك أن الله سبحانه جعل توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا، وجعل توبة هذه الأمة الندم بالقلب حرمة للنبي صلى الله عليه وآله عن الحسن، وقيل الاصر هو العهد الذي كان الله سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة عن ابن عباس والضحاك والسدي ويجمع المعنيين قول الزجاج الاصر ما عقدته من عقد ثقيل " والأغلال التي كانت عليهم " معناه ويضع عنهم العهود التي كانت في ذمتهم، وجعل تلك العهود بمنزلة الأغلال التي تكون في الأعناق للزومها كما يقال: هذا طوق في عنقك، وقيل يريد بالاغلال ما امتحنوا به من قتل