أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن إلا وقد وكل الله به أربعة: شيطانا يغويه يريد أن يضله، وكافرا يقاتله، ومؤمنا يحسده، وهو أشد هم عليه، ومنافقا يتبع عثراته (1).
بيان: " يريد أن يضله " بيان ليغويه لئلا يتوهم أنه يقبل إغواءه ويؤثر فيه، بل إنما ابتلاؤه به بسبب أنه يوسوسه وهو يشتغل بمعارضته، وقد مر أن الشيطان يحتمل الجن والإنس والأعم، " وكافرا يقاتله " وفي بعض النسخ " يغتاله " وفي المصباح غاله غولا من باب قال: أهلكه، واغتاله قتله على غرة، والاسم الغيلة بالكسر " يتبع " كيعلم أو على بناء الافتعال، أي يتفحص ويتطلب عثراته أي معاصيه التي تصدر عنه أحيانا على الغفلة وعيوبه.
13 - الكافي: عن العدة، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إذا مات المؤمن خلي على جيرانه من الشياطين عدد ربيعة ومضر، كانوا مشتغلين به (2).
بيان: " خلي على جيرانه " على بناء المعلوم والاسناد مجازي لان موته صار سببا لاشتغال شياطينه بجيرانه، أو هو على بناء المجول، والتعدية بعلى، لتضمين معنى الاستيلاء أي ترك على جيرانه أو خلي بين الشياطين المشتغلين به أيام حياته و بين جيرانه، والحاصل أن الشياطين كانوا مشغولين بإضلاله ووسوسته، لان إضلاله كان أهم عندهم، أو بايذائه وحث الناس عليه، فإذا مات تفرقوا على جيرانه لا ضلالهم أو إيذائهم، وقيل: الباء للسببية وضمير كانوا إما راجع إلى الشياطين أو الجيران، أي كان الشياطين ممنوعين عن إضلال الجيران بسببه، لأنه كان يعظهم ويهديهم، أو كان الجيران ممنوعين عن المعاصي بسببه، وكأنه دعاه إلى ذلك قال الجوهري: يقال: شغلت بكذا على ما لم يسم فاعله، واشتغلت. ولا يخفى ما فيه و " ربيعة " كقبيلة و " مضر " كصرد قبيلتان عظيمتان من العرب يضرب بهما المثل في الكثرة، وهما في النسب ابنا نزار بن معد بن عدنان، ومضر الجد السابع