الان أضربه خمسمائة لا حرج علي فيها، فلما نحاه بعيدا فقال: ابطحوه فبطحوه وأقام عليه جلا دين واحدا عن يمينه وآخر عن شماله فقال: أوجعاه فأهويا إليه بعصيهما لا يصيبان استه شيئا إنما يصيبان الأرض فضجر من ذلك، فقال: ويلكم تضربون الأرض؟ اضربوا استه، فذهبوا يضربون استه فعدلت أيديهما فجعلا يضرب بعضهما بعضا ويصيح ويتأوه.
فقال لهما: ويحكما أمجانين أنتما يضرب بعضكما بعضا؟ اضربا الرجل فقالا ما نضرب إلا الرجل، وما نقصد سواه، ولكن يعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا بعضا قال: فقال: يا فلان ويا فلان حتى دعا أربعة وصاروا مع الأولين ستة، وقال:
أحيطوا به فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم، ويرفع عصيهم إلى فوق، فكانت لا تقع إلا بالوالي فسقط عن دابته، وقال: قتلتموني قتلكم الله ما هذا؟ فقالوا:
ما ضربنا إلا إياه.
ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا فجاؤوا فضربوه بعد فقال: ويلكم إياي تضربون؟ قالوا: لا والله ما نضرب إلا الرجل قال الوالي: فمن أين لي هذه الشجات (1) برأسي ووجهي وبدني إن لم تكونوا تضربوني؟ فقالوا شلت أيماننا إن كنا قد قصدناك بضرب.
قال الرجل: يا عبد الله يعني الوالي أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب ويلك ردني إلى الامام وامتثل في أمره، قال: فرده الوالي بعد إلى بين يدي الحسن بن علي عليهما السلام وقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله: عجبنا لهذا أنكرت أن يكون من شيعتكم ومن لم يكن من شيعتكم فهو من شيعة إبليس وهو في النار وقد رأيت له من المعجزات مالا يكون إلا للأنبياء؟ فقال الحسن بن علي عليهما السلام قل أو للأوصياء، فقال: أو للأوصياء.
فقال الحسن بن علي عليهما السلام للوالي: يا عبد الله إنه كذب في دعواه أنه من شيعتنا كذبة لو عرفها ثم تعمدها لأبتلى بجميع عذابك، ولبقي في المطبق ثلاثين سنة