ألا وإني خاصته يا حارث وصنوه ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره أوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب، وعلم القرآن، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد وأيدت أو قال أمددت بليلة القدر نفلا وإن ذلك ليجري لي وللمستحفظين من ذريتي كما يجري الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها وأبشرك يا حارث ليعرفني وليي وعدوي في مواطن شتى ليعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة قال الحارث: وما المقاسمة يا مولاي؟ قال: مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحاحا: أقول هذا وليي [فاتركيه] وهذا عدوي [فخذيه].
ثم أخذ أمير المؤمنين علي عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي وقد اشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين:
إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل أو بحجزة يعني عصمة من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت ذريتك بحجزتك وأخذت شيعتكم بحجزتكم فماذا يصنع الله عز وجل بنبيه، وماذا يصنع نبيه بوصيه؟ خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت قالها ثلاثا فقال الحارث - وقام يجر ردائه جذلا (1) -: ما أبالي وربي بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح: فأنشدني أبو هاشم السيد بن محمد في كلمة له:
قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظماء * تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف للعرض * على جسرها ذري الرجلا