إليها ما يجب على كل حال تجنبه والتوقي عنه (1)، وعلى هذا يحمل معنى قوله عليه السلام: " لا يورد ذو عاهة على مصح " وأما تحريم السمك الجري وما أشبهه فغير ممتنع لشئ يتعلق بالمفسدة في تناوله كما نقول في سائر المحرمات، فأما القول:
بأن الجري نطق بأنه مسخ لجحده الولاية فهو مما يضحك منه ويتعجب من قائله والملتفت إلى مثله، فأما تحريم الدب والقرد والفيل فكتحريم كل محرم في الشريعة والوجه في التحريم لا يختلف، والقول بأنها ممسوخة إذا تكلفنا حملناه على أنها كانت على خلق حميدة غير منفور عنها، ثم جعلت على هذه الصور الشنية على سبيل التنفير عنها والزيادة عن الصد (2) في الانتفاع بها، لان بعض الاحياء لا يجوز أن يكون غيره على الحقيقة، والفرق بين كل حيين معلوم ضرورة، فكيف يجوز أن يصير حي حيا آخر غيره، وإذا أريد بالمسخ هذا فهو باطل، وإن أريد غيره نظرنا فيه، وأما البطيخة فقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام لما ذاقها ونفر عن طعمها وزادت كراهيته له قال: " من النار وإلى النار " أي هذا من طعام أهل النار وما يليق بعذاب أهل النار، كما يقول أحدنا ذلك فيما يستوبيه ويكرهه، ويجوز أن يكون فوران الدخان عند الالقاء لها على سبيل التصديق لقوله عليه السلام: " من النار وإلى النار " وإظهار المعجز له، وأما ذم الأرضين السبخة والقول بأنها جحدت الولاية، فمتى لم يكن محمولا معناه على ما قدمناه من جحد هذه الأرض وسكانها الولاية لم يكن معقولا، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى: " وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله " (3) وأما إضافة اعتقاد الحق إلى بعض البهائم واعتقاد الباطل والكفر إلى بعض آخر فمما تخالفه العقول والضرورات لأن هذه البهائم غير عاقلة ولا كاملة ولا مكلفة، فيكف تعتقد حقا أو باطلا؟ وإذا ورد أثر في ظاهره شئ من هذه المحالات فالوجه فيه إما إطراح أو تأول على المعنى الصحيح، وقد نهجنا