وأما الحيات التي في البيوت فلا تقتل حتى تنذر ثلاثة أيام لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئا فأذنوه (1) ثلاثة أيام.
وحمل بعض العلماء ذلك على المدينة وحده، والصحيح أنه عام في كل بلد لا تقتل حتى تنذر.
روى مسلم ومالك في آخر الموطأ وغيرهما عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال: دخلت على أبي سعيد الخدري في بيته فوجدته يصلي فجلست أنتظر فراغه فسمعت حركة تحت السرير في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية فوثبت لاقتلها فأشار إلي: أن اجلس، فجلست، فلما انصرف من صلاته أشار إلى بيت في الدار فقال:
أترى هذا البيت؟ قلت: نعم، قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخندق، وكان ذلك الفتى يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند انتصاف النهار ويرجع إلى أهله، فاستأذنه يوما، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: خذ عليك سلاحك فاني أخشى عليك بني قريظة، فأخذ الفتى سلاحه ثم رجع إلى أهله فوجد امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وقد أصابته غيرة فقالت: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإذا هو بحية عظيمة مطوقة على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فوكزه (2) في الدار فاضطربت عليه وخر الفتى ميتا فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرناه بذلك وقلنا: ادعو (3) الله تعالى أن يحييه، فقال: استغفروا (4) لصاحبكم.
ثم قال: إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئا فأذنوه (5) ثلاثة أيام