وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " من ترك قتل الحية خشية النار فقد كفر " يعنى كفر بأمري لأني أمرت بقتلهن (1).
بيان: " اثارهن " كذا في النسخ القديمة، وكأنه من الثأر بمعنى طلب الدم وفى النهاية في الحديث إنه ذكر الحيات فقال: من خشي إربهن فليس منا " الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء: الدهاء، أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها للذي قيل في الجاهلية: " إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل " فقد فارق سنتنا وخالف ما نحن عليه (2).
34 - الشهاب: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قتل عصفورا عبثا جاء يوم القيامة وله صراخ حول العرش يقول: رب سل هذا فيم قتلني من غير منفعة (3).
الضوء: العبث من فعل العالم: ما ليس فيه غرض مثله، وقيل: هو ما خلط به لعب، يقول صلى الله عليه وآله وسلم ناهيا عن العبث، رادا من اللعب، ضاربا المثل بالعصفور الذي يقتله العابث من غير غرض صحيح: إن العصفور المقتول باطلا يجيئ يوم القيامة ويصرخ حول العرش متظلما يسأل ربه أن يسأل قاتله لم قتله من غير جلب منفعة ولا دفع مضرة؟ وهذا مثل ضربه بالعصفور وإذا كان ظلم العصفور في صغر جسمه وحقارته لا يترك ولا يهمل بل يستوفى عوض ما أصابه من الألم فكيف بما فوقه من بني آدم وغيرهم؟ وإذا كان الله تعالى قد مكن المؤلم من الايلام فلابد أن يكون هو المستوفي لعوضه منه، وكلام العصفور يجوز أن يكون على طريق المثل وتقريب الحال، ويكون المعنى أن الله تعالى لا شك مستوف عوض ألم القتل من القاتل، فكأنه يتظلم حول العرش وينصفه ويجوز أن يكون على حقيقته وينطقه الله تعالى فيتظلم حول العرش ويكون ذكر ذلك لطفا لمن يسمعه، وفيه أن الصيد لغير غرض قبيح، وكذلك صيد اللهو واللعب، وفى