وقال قدس الله روحه: " والطير " أي وسخرنا الطير " محشورة " أي مجموعة إليه تسبح الله تعالى معه " كل " يعني كل الطير والجبال " له أواب " رجاع إلى ما يريد، مطيع له بالتسبيح معه، قال الجبائي: لا يمتنع أن يكون الله تعالى خلق في الطيور من المعارف ما يفهم به أمر داود ونهيه فيطيعه فيما يريد منها وإن لم تكن كاملة العقل مكلفة (1).
وقال الرازي: فان قيل: كيف يصدر تسبيح الله عن الطير مع أنه لا عقل له؟
قلنا: لا يبعد أن يقال: إن الله تعالى كان يخلق لها عقولا حتى تعرف الله فتسبحه حينئذ، وكل ذلك كان معجزة لداود عليه السلام انتهى (2).
" خلق الأزواج كلها " قيل: يعني أزواج الحيوان من ذكر وأنثى، وقيل:
أي الاشكال، وقيل: أي الأصناف، وقيل: كل ممكن فهو زوج تركيبي.
والواحد الحق والفرد والمطلق هو الله تعالى، " وما يبث من دابة " أي وفي خلق ما يفرق على وجه الأرض من الحيوان على اختلاف أجناسها ومنافعها والمقاصد المطلوبة منها دلالات واضحات على وجوده سبحانه وعلمه وقدرته وحكمته ولطفه " لقوم يوقنون " قيل: أي يطلبون علم اليقين بالتدبر والتفكر.
قوله سبحانه: " صافات " قيل: أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها " ويقبضن " أي ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستظهار به على التحرك، ولذلك عدل به إلى صيغة الفعل للتفرقة بين الأصيل في الطيران والطاري عليه " ما يمسكهن " في الجو على خلاف طبعهن " إلا الرحمن " الشامل رحمته كل شئ بأن خلقهن على أشكال وخصائص هيئاتهن للحركة في الهواء " إنه بكل شئ بصير " يعلم كيف يخلق الغرائب ويدبر العجائب.
وأقول: في سورة الفيل وقصته دلالة على شعور الحيوانات وكونها مطيعة