صموخ بيوض سوى الخشاف.
وفي قوله: " إن الله على كل شئ قدير " إشارة إلى أن اختصاص كل حيوان بهذه الخواص وبأمثالها لا يكون إلا عن قادر مختار قهار (1) انتهى.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وعلمنا منطق الطير ": النطق والمنطق في المتعارف كل لفظ يعبر به عما في الضمير مفردا كان أو مركبا، وقد يطلق لكل ما يصوت به على التشبيه والتبع، كقولهم: نطقت الحمامة، ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد، فان الأصوات الحيوانية من حيث أنها تابعة للتخيلات منزلة منزلة العبارات، سيما وفيها ما تتفاوت باختلاف الأغراض بحيث يفهمها ما من جنسه (2)، ولعل سليمان مهما سمع صوت حيوان علم بقوته القدسية التخيل الذي صوته والغرض الذي توخاه (3) به، ومن ذلك ما حكي أنه مر ببلبل يتصوت ويترقص، فقال: يقول: " إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفا " وصاحت فاختة فقال: إنها تقول: " ليت الخلق لم يخلقوا " فلعله كان صوت البلبل عن شبع وفراغ بال، وصياح الفاختة عن مقاساة شدة وتألم قلب، " فهم يوزعون " يحبسون بحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا " حتى إذا أتوا على واد النمل ": واد بالشام كثير النمل، والتعدية " بعلى " إما لان إتيانهم كان من على، أو لان المراد قطعه من قولهم: أتى الشئ: إذا أنفده وبلغ آخره، كأنهم أرادوا أن ينزلوا أخريات الوادي " قالت نملة " كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها غيره (4) فصاحت صيحة نبهت (5) بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها، فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم، ولذلك أجروا مجراهم، مع أنه لا يمتنع أن خلق