المنطق لان من الطير ما له كلام يهجي كالطوطي، قال المبرد: العرب تسمي كل مبين عن نفسه ناطقا ومتكلما، وقال علي بن عيسى: إن الطير كانت تكلم سليمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد، ومنطق الطير صوت تتفاهم به معانيها على صيغة واحدة، بخلاف منطق الذي يتفاهمون به المعاني على صيغ مختلفة، ولذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها ولم تفهم هي عنا، لان أفهامنا مقصورة على تلك الأمور المخصوصة، ولما جعل سليمان يفهم عنها كان قد علم منطقها (1).
وقال رحمه الله: واختلف في سبب تفقده (2) للهدهد من بين الطير فقيل: إنه احتاج إليه في سفره ليدله على الماء لأنه يقال: إنه يرى الماء في بطن الأرض كما نراه في القارورة عن ابن عباس، وروى العياشي بالاسناد: قال: قال أبو حنيفة لأبي عبد الله عليه السلام: كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: لان الهدهد يرى الماء في بطن الأرض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة، فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه وضحك، قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يضحكك؟ قال: ظفرت بك جعلت فداك قال: وكيف ذاك؟ قال: الذي يرى الماء في بطن الأرض لا يرى الفخ في التراب حتى تأخذ بعنقه؟! قال أبو عبد الله عليه السلام: يا نعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر أغشى البصر (3).
ثم قال رحمه الله في قوله: " لأعذبنه " كما صح نطق الطير وتكليفه في زمانه معجزة له جازت معاتبته على ما وقع منه من تقصير فإنه كان مأمورا بطاعته فاستحق العقاب على غيبته (4).
وقال في قوله تعالى: " وزين لهم الشيطان " الآية، قال الجبائي: لم يكن