وروى مالك وأبو داود والبخاري والنسائي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن.
شعف الجبال بفتح الشين المعجمة والعين المهملة: رؤوسها، وشعف كل شئ:
أعلاه، قال أبو الزناد: خص عليه السلام الغنم من بين سائر الأشياء حضا على التواضع وتنبيها على إيثار الخمول وترك الاستعلاء والظهور، وقد رعاها الأنبياء والصالحون، وقال صلى الله عليه وآله: ما بعث الله نبيا إلا راعي غنم (1).
وأخبر صلى الله عليه وآله أن السكينة في أهل الغنم.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله قال: ما من نبي إلا وقد رعى الغنم، قيل: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا (2).
قيل: والحكمة أن الله عز وجل جعل الرعي في الأنبياء تقدمة لهم ليكونوا رعاة الخلق وتكون (3) أممهم رعايا لهم وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت غنما سودا دخلت فيها غنم كثير بيض، فقالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العجم (4) يشركونكم في دينكم وأنسابكم، قالوا: العجم يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وآله: لو كان الايمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم.
وفي عجائب المخلوقات عن موسى بن عمران عليه السلام أنه اجتاز بعين ماء في سفح جبل فتوضأ منها ثم ارتقى الجبل ليصلي إذ أقبل فارس فشرب من ماء العين و ترك عنده كيسا فيه دراهم وذهب مارا فجاء بعده راعي غنم فرأى الكيس فأخذه ومضى، ثم جاء بعده شيخ عليه أثر البؤس وعلى رأسه حزمة حطب فوضعها هناك ثم