إلا وهو قائم، فأراهم الله سبحانه هذه الآية فيه ليستدلوا على توحيده بذلك، وسئل الحسن عن هذه الآية وقيل له: الفيل أعظم من الإبل في الأعجوبة، فقال: أما الفيل فالعرب بعيد العهد بها ثم هو خنزير لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها ولا يحلب درها والإبل من أعز مال العرب وأنفسه تأكل النوى وألقت وتخرج اللبن ويأخذ الصبي بزمامها فيذهب بها حيث شاء مع عظمها في نفسها، ويحكى أن فأرة أخذت تجرها وهي تتبعها حتى دخلت الحجر فجرت الزمام وبركت الناقة فجرت فقربت فمها من جحر الفأر انتهى. (1) وقال الرازي: للإبل خواص: منها أنه تعالى جعل الحيوان الذي يقتضى (2) أصنافا شتى، فتارة يقتنى ليؤكل لحمه، وتارة ليشرب لبنه، وتارة ليحمل الانسان في الاسفار، وتارة لينقل أمتعه الانسان من بلد إلى بلد، وتارة ليكون به زينة وجمال وهذه المنافع بأسرها حاصلة في الإبل، وإن شيئا من سائر الحيوانات لا تجتمع فيه هذه الخصال. (3) وثانيها: أنه في كل واحد من هذه الخصال أفضل من الحيوان الذي لا توجد فيه إلا هذه الخصلة لأنها إن جعلت حلوبة سقت فأروت الكثير وإن جعلت أكولة أطعمت وأشبعت الكثير، وإن جعلت ركوبة أمكن أن يقطع بها من المسافة المديدة (4) ما لا يمكن قطعه بحيوان آخر، وذلك لما ركب فيها من القوة على مداومته على السير (5)، والصبر على العطش، والاجتزاء من العلوفات ما لا يجتزي (6) به حيوان آخر وإن جعلت حمولة (7) استقلت بحمل الأعمال الثقيلة التي لا يستقل بها سواها، ومنها:
(١٠٨)