بالتحريم بعضا دون بعض فقد لزمتهم الحجة، ثم قال: " نبئوني بعلم إن كنتم صادقين " معناه أخبروني بعلم عما ذكرتموه من تحريم ما حرمتموه وتحليل ما حللتموه إن كنتم صادقين في ذلك، " ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل " يا محمد ": آلذكرين حرم الله منهما " أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء " أي حضورا " إذ وصاكم الله بهذا " أي أمركم به وحرمه عليكم حتى تضيفوه إليه، وإنما ذكر ذلك لان طرق العلم إما الدليل الذي يشترك العقلاء في إدراك الحق به، أو المشاهدة التي يختص بها بعضهم دون بعض، فإذا لم يكن أحد من الامرين سقط المذهب، " فمن أظلم " لنفسه " ممن افترى على الله كذبا " أي أضاف إليه تحريم ما لم يحرمه وتحليل ما لم يحلله، " ليضل الناس بغير علم " أي يعمل عمل القاصد إلى إضلالهم من أجل دعائه إياهم إلى مالا يثق بصحته مما لا يأمن أن يكون فيه هلاكهم وإن لم يقصد إضلالهم، " إن الله لا يهدي القوم الظالمين " إلى الثواب لأنهم مستحقون العقاب الدائم بكفرهم وضلالهم (1).
أقول: وسيأتي تفسير سائر الآيات في الأبواب الآتية.
" والانعام خلقها " قال الطبرسي قدس سره: معناه وخلق الانعام من الماء كما خلقكم منه لقوله: " والله خلق كل دابة من ماء " (2). وأكثر ما يتناول الانعام الإبل ويتناول البقر والغنم أيضا وفي اللغة هي ذوات الاخفاف والأظلاف دون ذوات الحوافر، " لكم فيها دفء " أي لباس عن ابن عباس وغيره، وقيل: ما يستدفأ به مما يعمل من صوفها ووبرها وشعرها، فيدخل فيه الاكيسة واللحف والملبوسات والمبسوطات (3) وغيرها، قال الزجاج: أخبر سبحانه أن في الانعام ما يدفئنا، ولم يقل: ولكم فيها ما يكنكم من البرد، لان ما ستر من الحر ستر من البرد، وقال